للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر في مبسوط شيخ الإسلام (١): هذا إذا لم يقرأ القرآن أصلًا، فإن المعتبر هو الركوع الثاني على اتفاق الروايات، وأما إذا أتم القراءة وركع، ثم عاد/ إلى القراءة ثانيًا ففيه روايتان في ارتفاض الركوع (٢).

وقال شمس الأئمة السرخسي بعد قوله: لو ترك سجدة من الركعة الأولى فخر ساجدًا، ثم رفع رأسه فإن احتسب بذلك الركوع جاز، وإن أعاد فهو أحب إليَّ، وقال زفر: عليه (٣) أن يعيد القيام، والقراءة والركوع؛ لأن من أصله أن مراعاة الترتيب في أفعال الصلاة واجبة فالتحقت هذه السجدة بمحلها، وبطل ما أدى من القيام والقراءة والركوع لترك الترتيب، فأما عندنا فمراعاة الترتيب في أفعال الصلاة ليست بركن ألا ترى أن المسبوق يبدأ بما أدرك مع الإمام، ولو كان الترتيب (٤) ركنًا لما جاز له تركه بعذر الجماعة كالترتيب بين الصلوات، وإن كان الترتيب واجبًا فقد سقط بعذر النسيان (٥).

[[تأثير نية الإمام]]

قوله: فالمأموم/ إمام نوى أو لم ينو لتعينه لذلك، وذلك لأن الإمامة تحتاج إليها لتبقى صلاته جائزة، وليس معه أحد يصلح للإمامة، وهو يصلح لها فيتعين إمامًا، وكان كرجل قال لعبدين له: أحدكما حر، ثم مات أحدهما قبيل (٦) البيان، فيتعين الآخر للحرية؛ لأنه لم يبق من يصلح للحرية إلا هذا فتعين من غير تعيين، فكذا هذا بخلاف ما إذا كان خلفه امرأة، فأخذت، وخرج من المسجد ولم يقدمها، فإنها لا تصير إمامًا؛ لأنها لا تصلح للإمامة، وصلاة الرجل تامة؛ لأنه كالمنفرد، وصلاتها فاسدة؛ لأنها مقتدية (٧) ولم يبق لها إمام في المحراب، والمقتدي متى لم يبق له إمام في المحراب تفسد صلاته لفوات شرط الاقتداء، كذا في مبسوط شيخ الإسلام (٨).

وذكر في «الجامع الصغير» لقاضي خان: إمام أحدث وخلفه من لا يصلح للإمامة نحو الصبي والأمي والمرأة اختلفوا فيه، قال بعضهم: تفسد صلاة الكل؛ لأنه لما أحدث وخرج من المسجد تعين المقتدي للإمامة فصار كأنه استخلفه، فتفسد صلاة الكل، وهو قول زفر، وقال بعضهم: تفسد صلاة الإمام لا غير، وقال بعضهم: تفسد صلاة المقتدي لا غير، وهو الصحيح؛ لأن المقتدي إنما يتعين للإمامة إذا كان أهلًا للإمامة صيانة للصلاة عن الفساد، أما إذا لم يكن أهلًا كان في تعينه إفساد صلاة الكل فلا يتعين، وإذا لم يتعين (٩) لم يصر الإمام مقتديًا به، وبقي الإمام منفردًا فلا تفسد صلاة الإمام، وتفسد صلاة المقتدي؛ لأنه خلا مكان إمامه عن الإمام (١٠).


(١) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي: ١/ ٣٢٩، ٣٣٠.
(٢) يُنْظَر: المحيط البرهاني: ٢/ ٥٣، بدائع الصنائع: ١/ ٢٧٨.
(٣) ساقط من ب
(٤) ساقط من (ب). (في أفعال الصلاة ليست بركن ألا ترى أن المسبوق يبدأ بما أدرك مع الإمام، ولو كان الترتيب)
(٥) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي: ١/ ٢٤٣.
(٦) في (ب): قبل.
(٧) في (ب): مقيده.
(٨) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي: ١/ ٣٢٢.
(٩) ساقط من (ب). (وإذا لم يتعين).
(١٠) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٣٩٤.