للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَابٌ فِي اعْتِبَارِ حَالَةِ القَتْلِ

[[مناسبة ذكر الباب لما قبله]]

لما كانت الأحوال صفات تعتري ذا الحال بعد وجوده ذكر أحوال القتل بعد ذكر نفس القتل (١) وما يتعلق ما فعل (٢) الرَّامي الدية، أي: لورثة المرتد.

(لأَنَّهُ بِالارْتِدَادِ أَسْقَطَ (٣) تَقَوُّمَ نَفْسِهِ فَيَكُونُ مُبْرِئاً الرَّامِي عَنْ مُوجِبِهِ (٤)؛ لأنَّ من له الحق متى أخرج المتقوم عن التقوم يصير مبرئًا الضَّامن عن الضَّمان فإنَّ المغصوب منه متى أعتق المغصوب يصير مبرئًا الغاصب عن الضَّمان ولو أبرأه عن الجناية أو عن حقِّه ثم أصابه السَّهم لا يجب عليه شيء فكذلك ههنا (٥) كذا في الجامع الصغير لصدر الإسلام -رحمه الله- (٦) (٧).

وبهذا يُعلم أنَّ معنى قوله في الكتاب: (كَمَا إِذَا أَبْرَأَهُ بَعْدَ الجُرْحِ قَبْلَ المَوْتِ (٨) أي: إبراء المرمي عليه الرَّامي عن الجناية أو عن حقِّه ثم أصابه السَّهم فمات كان الإبراء صحيحاً فتعتبر حالة الرَّمي.

وهذا في مسائل فإنَّ المرمي لو كان كافراً وقت الرمي ثم أسلم وقت الإصابة لا يجب شيء، وكذا لو قُضِي على رجل بالرَّجم فرماه رجل ثم رجع الشُّهود ثم أصابه، وكذا لو رمى إلى صيد ثم ارتد ثم أصاب حَلَّ؛ لأنَّ فعله ذكاة شرعًا وقد تمَّ موجباً للحلِّ بشرطه وهو التسمية.

ألا ترى أنَّ الرَّامي لو مات [قبل إصابة السَّهم] (٩) ثم أصاب لم يكن بأكله (١٠) بأس فكذلك إذا ارتد، وإن رمى كافر ثم أسلم ثمَّ أصاب لم يحل، وكذا لو رمى مُحْرِم ثم حل ثم أصاب فعليه الجزاء، وإن رمى حلال ثمَّ أحرم ثم أصاب لا جزاء عليه، وكذا لو رمى إلى صيد ثم رماه آخر (١١) فأصابه الأوَّل [فأخرجه عن الصيدية ثم أصابه الثاني فقتله حَلَّ؛ لأنه رماه الثاني لم يكن الصيد خارجا عن الصيدية ولم يعتبر حال الإصابة] (١٢).


(١) وفي (ب) (المقتل).
(٢) وفي (ب) (بها فعلى) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام والله أعلم.
(٣) وفي (ب) (سقط).
(٤) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧٥).
(٥) وفي (ب) (هنا).
(٦) هو: مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الحسين بن عبدالكريم بن موسى بن مجاهد، أبو اليسر البزدوي، فقيه، أصولي ولي القضاء بسمرقند، ملأ الكون بتصانيفه في الأصول والفروع، من تصانيفه: "المَبْسُوط" في فروع الفقه وهو في احدى عشر مجلداً ولايزال مخطوطاً توفي ببخارى (٤٩٣ هـ).
يُنْظَر: سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاء (١٩/ ٤٩)، الجواهر المضية (٢/ ٢٧٠)، تاج التراجم (٢٧٥).
(٧) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٥/ ٢٣٤)، البناية شرح الهداية (١٣/ ١٥٦).
(٨) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧٥).
(٩) سقط في (ب).
(١٠) وفي (ب) (به).
(١١) وفي (ب) (الآخر).
(١٢) زيادة في (ب).