للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[الآذان قبل الوقت]]

وَفِي الْأَذَانِ قَبْلَ الْوَقْتِ؛ إِظْهَارُ الْجِنَايَةِ (١) فِيمَا ائْتُمِنَ فِيهِ، وَلَوْ جَازَ الْأَذَانُ؛ قَبْلَ الْوَقْتِ لَأَذَّنَ عِنْدَ الصُّبْحِ خَمْسَ مَرَّاتٍ، بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ، وَلَا يُجَوِّزُهُ أَحَدٌ، كَذَا َفِي " الْمَبْسُوطِ " (٢).

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (وَالْحُجَّةُ عَلَى الْكُلِّ).

أَيْ: عَلَى أَبِي يُوسُفَ وَالشَّافِعِيِّ وأهل الْحَرَمَيْنِ، فَلَمَّا كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ؛ وَهُوَ قَوْلُهُ -صلى الله عليه وسلم-: «لَا تُؤَذِّنْ حَتَّى تَسْتَبِينَ لَكَ حُجَّةٌ» (٣) عَلَى هَذَا الْمَجْمُوعِ الَّذِي ذَكَرْتَ؛ لَمْ يُشْغِلْ (٤) بِجَوَابِ مَا تَمَسَّكَا بِتَوَارُثِ أَهْلِ الَحَرَمَيْنِ؛ لِأَنَّ تَقْيِيدَهُ بِالْكُلِّ تَنْبِيهٌ مِنْهُ عَلَى أَنَّهُمَا أُجِيبَا (٥) بِهَذَا الْحَدِيثِ، عَمَّا تَمَسَّكَا بِتَوَارُثِ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ؛ فَكَانَ حُجَّةً أَيْضًا عَلَى أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ.

وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ -رحمه الله-: كَانَ إِذَا سَمِعَ مَنْ يُؤَذِّنُ؛ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، قَالَ: عُلُوجٌ فِرَاغٌ (٦)؛ لَا يُصَلُّونَ إِلَّا فِي الْوَقْتِ، لَوْ أَدْرَكَهُمْ عُمَرُ -رضي الله عنه- لَأَدَّبَهُمْ (٧)، فَإِنْ قِيلَ (جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «لَا يَغُرَّنَّكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ» (٨) فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّهُ، كَانَ يُؤَذِّنُ قَبْلَ الْوَقْتِ قُلْنَا) (٩) فَهُوَ حُجَّةٌ لَنَا؛ حَيْثُ لَمْ يَعْتَبِرِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَذَانَهُ، وأمر النَّاسَ بِأَنْ لَا يَعْتَبِرُوا مِثْلَ اعْتِبَارِهِمْ بِالْأَذَانِ فِي الْوَقْتِ، وَقَالَ: «لَا يَغُرَّنَّكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ؛ فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ لِيَرْجِعَ (١٠) قَائِمُكُمْ وَ يَتَسَحَّرُ صَائِمُكُم، وَيَقُومُ نَائِمُكُم، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَكَانَ هُوَ -رضي الله عنه- أَعْمَى لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَسْمَعَ النَّاسَ يَقُولُونَ: أَصْبَحْتَ، أَصْبَحْتَ» (١١).


(١) في (ب): (الخيار).
(٢) "المبسوط" للسرخسي (١/ ١٣٤).
(٣) أخرجه أبي داود في"سننه" (ص ٨٢)، كتاب الصلاة، باب في الأذان قبل دخول الوقت، حديث (٥٣٤)، عن بلال، أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال له: «لا تُؤذّن حتَّى يَستبينَ لك الفَجرُ هكذا» ومدّ يَدَيهِ عَرضاً.
وقال أبو داود: (شداد مولى عياض لم يُدرك بلالاً).
(٤) في (ب): (نشتغل).
(٥) في (ب): (أجبنا).
(٦) الْعِلْجُ: الضَّخْمُ مِنْ كُفَّارِ الْعَجَمِ وَإِنَّمَا قَالَ الْحَسَنُ عُلُوجٌ فَرَاغٌ لَا يُصَلُّونَ إلَّا فِي الْوَقْتِ اسْتِخْفَافًا بِهِمْ وَبِفِعْلِهِمْ وَالْمَعْنَى أَنَّ أَذَانَ بِلَالٍ كَانَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ لِتَنْبِيهِ مَنْ كَانَ مُهْتَمًّا بِإِقَامَةِ النَّوَافِلِ أَمَّا هَؤُلَاءِ فَلَيْسَ مِنْ هَمِّهِمْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يُصَلُّونَ الْمَكْتُوبَةَ فَحَسْبُ. " المغرب في ترتيب المعرب" للمطرزي (ص: ٣٢٥).
(٧) أخرجه بن أبي شيبة في"مصنفه" (٢/ ٣٦٤)، كتاب الأذان والإقامة، باب يؤذن بليل أيعيد الأذان أم لا، حديث (٢٣٢٣).
(٨) أخرجه مسلم في "صحيحه" (٤٢٤) في كتاب "الصيام" باب "بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر "حديث رقم (١٠٩٤).
(٩) ما بين القوسين مثبت في هامش (ب).
(١٠) في (ب): (ليضجع).
(١١) أخرجه البخاري في "صحيحه" (١/ ٢٠١) في كتاب "مواقيت الصلاة" باب "أذان الأعمى إذا كان له من يخبره" حديث رقم (٦٠٣).