للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنْ قُلْتَ: قَالَ فِي " الْمَبْسُوطِ " (١) الْبَصِيرُ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُؤَذِّنَ مِنَ الْأَعْمَى، فَكَيْفَ جَعَلَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- مُؤَذِّنًا وَغَيْرُهُ أَحَبُّ مِنْهُ؟

قُلْتُ: إِنَّمَا يَكُونُ غَيْرُهُ أَوْلَى، لِأَنَّ غَيْرَهُ أَعْلَمُ بِمَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ، وَكَانَ مَعَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، مَنْ يَحْفَظُ عَلَيْهِ أَوْقَاتَ الصَّلَاةِ، (وَمَتَى كَانَ مَعَ الْأَعْمَى مَنْ يَحْفَظُ عَلَيْهِ أَوْقَاتَ الصَّلَاةِ) (٢) يَكُونُ حِينَئِذٍ؛ تَأْذِينُهُ وَتَأْذِينُ الْبَصِيرِ سَوَاءٌ، كَذَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ -رحمه الله-.

وَقَدَ ذَكَرَ فِي "الْمَبْسُوطِ ": (فَأَمَّا أَذَانُ (٣) بِلَالٍ -رضي الله عنه-، فَقَدْ أَنْكَرَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْأَذَانَ بِاللَّيْلِ، وأمَرَهُ أَنْ يُنَادِيَ عَلَى نَفْسِهِ؛ أَلَا إِنَّ الْعَبْدَ قَدْ نَامَ، فَكَانَ يْبَكِي، وَيَطُوفُ حَوْلَ الْمَدِينَةِ (٤).

شِعْرٌ:

لَيْتَ بِلَالًا لَمْ تَلِدْهُ أُمُّهُ وَابْتَلَّ مِنْ نَضْحِ دَمِ جَبِينِهِ (٥)

وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ؛ لِكَثْرَةِ مُعَاتَبَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِيَّاهُ) (٦).

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (لِابْنَيْ أَبِي مُليكَةَ)

ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي " الْمَبْسُوطِ " بِخِطَابِ غَيْرِهِمَا، وَقَالَ: (رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ لِمَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ (٧) وَابْنِ عَمٍّ لَهُ: «إِذَا سَافَرْتُمَا فَأَذِّنَا؛ وأقِيمَا، وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْثَرُكُمَا


(١) "المبسوط" للسرخسي (١/ ١٣٧).
(٢) ساقطة من (ب).
(٣) في (ب): (إذا كان).
(٤) أخرجه الدارقطني في "سننه" (١/ ٤٥٨)، كتاب الصلاة، باب ذكر الإقامة واختلاف الروايات فيها، حديث (٩٥٩، ٩٦٠)، وأخرجه البيهقي في "سننه الكبرى" (١/ ٣٨٤)، كتاب الصلاة، باب رواية من روى النهى عن الأذان قبل الوقت. وقد أخرجه الدارقطني مرفوعاً عن أنس، ومرسلاً عن قتادة وقال: (والمرسل أصح).
(٥) في (ب): (وابد من يصبح جيبه).
(٦) "المبسوط" للسرخسي (١/ ١٣٥).
(٧) مالك بن الحويرث: هو الصحابي الجليل مالك بن الحويرث الليثي، و يختلفون فِي نسبه إِلَى ليث، كنيته أبو سليمان، وفد إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في شببة من قومه متقاربين، فلما أقام عنده أياما؛ قال لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- ارجعوا إلى أهاليكم، فمروهم، وعلموهم، وصلوا كما رأيتموني أصلى، مات بالبصرة سنة ٧٤ هـ انظر: " مشاهير علماء الأمصار لابن حبان" (ص: ٧٠)، " أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير " (٤/ ٢٤٤)، " الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر " (٥/ ٥٣٣).