للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله- رحمه الله- (لأبي يوسف)؛ فإن قلتَ: لِم قدَّم [قول أبي] (١) يوسف في التعليل، ولم يُوسِّط كما هو حقه.

قلتُ: يحتمل أن يكون ذلك لوجهين:

أحدهما: أن يكون المختار قوله (٢) (٣) لقوة دليله، إذ فيه إثبات الحكم بحسب ثبوت الموجب؛ لأن المغصوب دخل في ضمان الغاصب من وقت الغصب، فيجب أن يكون اعتبار القيمة من وقت الغصب.

والثاني: لإثبات الأقوال الثلاثة بحسب ترتيب الزمان على تلك الأقوال، فإن أول الأوقات من هذه الأقوال الثلاثة يوم الغصب، ثم يوم الانقطاع (٤)، ثم يوم الخصومة؛ فإيراد الأقوال على ترتيب هذه الأزمنة لم يَتَأَتَّ إلا بتقديم قول أبي يوسف، ثم بقول محمد، ثم بقول أبي حنيفة- رحمهم الله- (٥).

[[اعتبار قيمة المغصوب يوم الغصب]]

(فتُعتبر قيمته يوم انعقاد السبب) وذلك: لأن الخَلَف إنما يجب بالسبب الذي يجب به الأصل، وذلك الغصب فتُعتبر قيمته (٦) يوم الغصب؛ ومحمد يقول (٧): أصل الغصب أوجب المثل خَلَفًا عن رد العين، وصار ذلك دَيْنا في ذمته فلا يوجب القيمة أيضًا؛ لأن السبب الواحد لا يوجب ضمانين (٨)، ولكن المصير إلى القيمة للعجز عن أداء المثل، وذلك بالانقطاع عن أيدي الناس فتُعتبر قيمته بآخر يوم كان موجودًا فانقطع.

(فتُعتبر قيمته يوم الخصومة والقضاء) كما في ولد المغرور (٩)، ثم حد (١٠) الانقطاع هو ما ذكره في باب السَّلم من تبرع «الذخيرة» (١١) فقال: حد الانقطاع ما ذكره الفقيه أبو بكر البَلْخي- رحمه الله-: ألا يوجد في السوق الذي يُباع فيه، وإن كان يوجد في البيوت؛ وعلى هذا انقطاع الدراهم.


(١) في (ع): (أبو) وما أثبت هو الصحيح. انظر: فتح القدير (٩/ ٣١٩).
(٢) في (ع): زيادة (من وقت الغصب فيجب أن يكون اعتبار القيمة من مالي) وما أثبت هو الصحيح. انظر: فتح القدير (٩/ ٣١٩).
(٣) وبه قال مالك. انظر: بداية المجتهد (٤/ ١٠١)، الشرح الكبير الدردير (٣/ ٤٤٨).
(٤) وبه قال أحمد. انظر: المغني لابن قدامة (٥/ ٢٠٨)، الشرح الكبير (٥/ ٤٢٩).
(٥) انظر: العناية شرح الهداية (٩/ ٣١٩)، البناية شرح الهداية (١١/ ١٨٥).
(٦) سقطت في (ع).
(٧) انظر: الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص: ٤٦٥)، المبسوط للسرخسي (١١/ ٥٠).
(٨) انظر: كشف الأسرار (١/ ١٧١)
(٩) قال السرخسي: (معنى قول علي-رضي الله عنه- يفك الغلام بالغلام يعني بقيمة الغلام، فقد صح عن عمر وعلي- رضي الله عنهما- أنهما قضيا في ولد المغرور أنه حر بالقيمة). المبسوط (١١/ ٥١)، وانظر: بدائع الصنائع (٢/ ٣٢١)، المحيط البرهاني (٤/ ١٣٠)، الأسرار (٣/ ١١٦).
(١٠) في (أ): (هذا) وما أثبت هو الصحيح لسياق الكلام.
(١١) انظر: المحيط البرهاني (٦/ ٣٠٦)، الاختيار (٢/ ٣٧)، تبيين الحقائق (٥/ ٢٢٣).