للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[أحكام الجهر في القراءة]]

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (إِنْ شَاءَ جَهَرَ واسَمَعَ نَفْسَهُ) (١).

وَإِنَّمَا ذَكَرَ قَوْلَهُ: (واسْمَعَ نَفْسَهُ) لِمَعْنَيَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لِجَوَابِ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ؛ وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ: إِنْ شَاءَ؛ جَهَرَ فَوَرَدَ عَلَيْهِ أَنْ يُقَالَ يَجِبُ أَنْ لَا يَجْهَرَ؛ لِمَا أَنَّ فَائِدَةَ الْجَهْرِ؛ الْإِسْمَاعُ (٢) وَلَيْسَ أَحَدٌ مَعَهُ حَتَّى يُسْمِعَهُ إِيَّاهُ؛ فَقَالَ جَوَاباً لَهُ بِهَذَا أَيْ: فَائِدَةُ الْجَهْرِ حَاصِلُهُ ها هُنَا أَيْضاً بِقَدْرِهَا، وَهُوَ أَنَّهُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ فَيَجْهَرُ لِذَلِكَ؛ وَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ رِوَايَةِ " الْمُحِيطِ " (٣).

وَالثَّانِي: لِبَيَانِ الْحُكْمِ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ فِي " مَبْسُوطِهِ ": (وَقَالَ فَيَجْهَرُ لَكِنْ لَا يَجْهَرُ كُلَّ الْجَهْرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ يُسْمِعُهُ، بَلْ يَأْتِي بِأَدْنَى الْجَهْرِ؛ فَكَانَ مَعْنَاهُ عَلَى هَذَا إِنْ شَاءَ جَهَرَ، واسْمَعَ نَفْسَهُ، وَلَا يُسْمِعُ غَيْرَهُ؛ لِمَا أَنَّ التَّخْصِيصَ فِي الرِّوَايَةِ، يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ مَا عَدَاهُ فِي الْغَالِبِ) (٤)، وَذَلِكَ إِنَّمَا يَحْصُلُ إِذَا لَمْ يَجْهَرْ كُلَّ الْجَهْرِ (٥) فَوَجْهُ التَّخْيِيرِ؛ فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مُقْتَدِياً بِآخَرٍ؛ كَانَ الْإِمَامُ (٦) فَيَجْهَرُ، وَلَمَّا لَمْ يَقْتَدِ بِهِ آخَرٌ (٧) لَمْ يَكُنْ إِمَاماً فَيُخَافِتُ فَلَمَّا تَجَاذَبَ الطَّرَفَانِ بَيْنَ/ وُجُوبِ الْجَهْرِ وَعَدَمِهِ ثَبَتَ التَّخْيِيرِ.


(١) قال صاحب الهداية: (وإن كان منفردا فهو مخير إن شاء جهر واسمع نفسه؛ لأنه إمام في حق نفسه، وإن شاء خافت؛ لأنه ليس خلفه من يسمعه والأفضل هو الجهر ليكون الأداء على هيئة الجماعة). "الهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني" (١/ ٤٥).
(٢) في (ب): (الاستماع).
(٣) قال ابن مازه: (وذكر في رواية أبي حفص أن الجهر أفضل). "المحيط البرهاني لإبن مازة " (١/ ٣٠٠).
(٤) ينظر: " البناية شرح الهداية للعيني " (٢/ ٢٩٣).
(٥) (كُلَّ الْجَهْرِ) ساقطة من (ب).
(٦) في (ب): (كالإمام).
(٧) في (ب): (يقيد به أحد).