للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثاني: أنَّ أخذ مال الغير بغير إذنه سبب للضمان إلا عند وجود الإذن شرعًا والإذن شرعًا مقيد بشرط الإشهاد، وإذا (١) ترك كان أخذه سببًا للضّمان عليه شرعًا، فلا يُصدّق/ في دعوى المسقِط بعد ظهور سبب الضّمان كمن أخذ مالَ الغير وهلك في يده ثم ادَّعى أنّ صاحبه أودَعه لم يصدَّق في ذلك إلا بحجّة (٢)؛ كذا في المبسوط.

وذكر في فتاوى قاضي خان هذا الاختلاف [في الإشهاد] (٣) فيما إذا أمكنه أنْ يشهِد. أمَّا إذا لم يجد أحدًا يشهده عند الرَّفع أو خاف أنَّه لو أشهد عند الرَّفع فأخذ (٤) منه الظَّالم فيترك (٥) الإشهاد، لا يكون ضامنًا، وإنْ وجد مَن يشهده [فلم يشهده] (٦) حتَّى جاوزه ضَمِن لأنَّه ترك الإشهاد مع القدرة عليه (٧).

[[الانتفاع باللقطة]]

(كالنواة وقشور الرُّمان) أي: في مواضِع مختلفة، فوَجَد مِن ذلك شيئًا كثيرًا فجمعها وصار بحكم الكثرة لها قيمة، فلا بأس بالانتفاع بها لأنّ كلَّ واحد منها (٨) لا قيمة له؛ وإنَّما ظهرت القِيمة بالاجتماع، والاجتماع حصل بجمعِه، فالقيمة إنَّما ظهرت بصُنعه فجاز الانتفاع بها، إلّا أنّ صاحبها إذا وجدَها في يدِه بعد ما جمَعها فله أنْ يأخذها ولا يصير ملكًا للآخذ. وَوَجه ذلك أنّ إلقاء هذه الأشياء في الطُّرق قصدًا إذنٌ بالأخذ وإباحة الانتفاع بها عادةً. وليس بتمليك (لأنّ التمليك من المجهول) لا يكون، والإباحة لا تُزيل ملك المبيح، والمباح له ينتفع به على حُكم ملكه، فإذا وجَدها صاحبها في يده فقد وجَد عين ملكه فكان له الأخذ.

وذكر شيخ الإسلام (٩) في شرح "كتاب الذبائح" أنّه ليس للمالك أنْ يأخذَها مِن يده بعد ما جمَعها وأخذها، ويصير ملكًا للآخذ، وكذلك الجواب في الْتقاط السَّنابل (١٠)، وبه كان يفتي الصّدر الشهيد كذا في الذخيرة.


(١) في (ب) "فإذا".
(٢) ينظر المبسوط للسرخسي (١١/ ١٢).
(٣) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب).
(٤) في (ب) "يأخد".
(٥) في (ب) "فترك".
(٦) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب).
(٧) ينظر العناية شرح الهداية (٦/ ١٢٠).
(٨) ساقط من (ب).
(٩) إذا أطلق شيخ الإسلام في كتب الحنفية فالمراد به خواهرزاده، وهو محمد بن حسينالبخاري، الحنفي، المعروف: ببكر خواهر زاده، المتوفى سنة (٤٨٣)، له كتاب المبسوط في خمسة عشر مجلدا كما في كشف الظنون (٢/ ١٥٨٠).
(١٠) ينظر المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٥/ ٤٣٣).