للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الوكالة]

[كتاب الوكالة] (١).

«لمَّا فرغ من بيان أحكام الشهادات بأنواعها، وما يتبعها من الرجوع عنها شرع في بيان أحكام الوكالة؛ إمَّا لمناسبة أنَّ كل واحد من الشهادة، والوكالة صفة من صفات الله تعالى لقوله تعالى: {ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ} (٢).

وقوله: {وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} (٣).

وإما لأنَّ كلاً منهما إيصال النفع إلى الغير بالإعانة في إحياء حقِّه.

وإما لأنَّ كلاً منهما يصلح سبباً لاكتساب الثَّواب، والصيانة عن العقاب في المعاملات» (٤).

[في محاسن الوكالة وفضائلها]

«ثم محاسن شرعية الوكالة ظاهرةٌ إذ فيها قضاء حوائج المحتاجين إلى مباشرة أفعال لا يقدرون عليها بأنفسهم؛ فإن الله تعالى خلق الخلائق على هممٍ شتَّى، وطبائع مختلفة، وأقوياء وضعفاء، وليس كل أحد يرضى أن يباشر الأعمال بنفسه، ولا كل أحد يهتدي إلى المعاملات فمسَّت الحاجة إلى شرعية الوكالة.

فنبيُّنا - صلى الله عليه وسلم -باشر بعض الأمور بنفسه [تعظيماً] (٥) لسُنَّة التواضع وفوَّض بعضها إلى غيره ترفيهاً لأصحاب المروءات حتى باشر تضحية بعض البُعران بنفسه، وفوَّض الباقي إلى علِّي -رضي الله عنه- (٦).

وفي قبول الوكالة بيان كفاية الأمور، وفي التَّوكيل اعتماد على من وكَّله في كل الأوقات، والدهور، وإليه وقعت الإشارة في قوله تعالى: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا} (٧).

في تعريف الوكالة لغة وشرعاً

ثم نحتاج ها هنا إلى معرفة ثمانية أشياء: تفسير الوكالة لغةً وشرعاً، ودليل جوازها، وسببها، وركنها، وشرطها، وصفتها وحكمها» (٨).

أما تفسيرها لغةً: فالوَكالة والوِكالة اسم للتوكيل من قولك وكَّلتك بأمر كذا توكيلاً [والتوكل] (٩) إظهار العجز، والاعتماد على غيرك، والاسم التكلان.


(١) طمس في «ج».
(٢) سورة يونس، آية ٤٦.
(٣) سورة آل عمران، آية ١٧٣.
(٤) ينظر: فتح القدير (٨/ ٣).
(٥) في «س»: [تعليماً].
(٦) جزء من حديث جابر بن عبد الله المشهور في وصف حجة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفيه: « … ثم انصرف إلى المنحر، فنحر ثلاثاً وستين بيده، ثم أعطى علياً، فنحر ما غبر، وأشركه في هديه، ثم أمر من كل بدنة ببضعة، فجعلت في قدر، فطبخت».
أخرجه: مسلم في الصحيح (٢/ ٨٨٦)، كتاب الحج، باب حجة النبي -صلى الله عليه وسلم-، رقم (١٢١٨).
(٧) سورة المزمل، آية ٩.
(٨) فتح القدير (٨/ ٣).
(٩) في «ج»: [التوكيل].