للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا جواب سؤال مقدر بأن يقال: ينبغي أن يجوز إقرار الوكيل على موكله في التَّوكيل ممن عليه القصاص كما في الأموال حيث يجوز إقرار الوكيل على موكله فيها.

وجوابه ما ذكرنا من جواب الاستحسان من المبسوط (١).

«وقال أبو حنيفة - رحمه الله - لا يجوز التَّوكيل بالخصومة إلا برضا الخصم» (٢) سواء كان الوكيل وكيل المدَّعِي، أو وكيل المدَّعَى عليه إلا من عذر، والعذر مرض أو سفر، ويستوي عنده الموكل إذا كان رجلاً، أو امرأة بكراً كانت، أو ثيباً.

وفي قول أبي يوسف ومحمد -رحمهما الله- تُقبَل الوكالة من الرجال والنساء في جميع الأحوال، وكان أبو يوسف يقول أولاً: تقبل من النساء ولا تقبل من الرجال، ثم رجع عن ذلك/ وقال: يُقبَل من الرجال والنساء جميعاً (٣).

وقال ابن أبي ليلى - رحمه الله -تقبل من البكر، ولا تقبل من الثيب، ولا من الرجل.

وأجمعوا في الشهادة على الشهادة أنها إنما تقبل إذا كان الأصيل مريضاً لا يستطيع الحضور إلى مجلس القاضي، أو يكون غائباً غيبة سفرٍ، أو يكون ميتًا. كذا في شرح الطحاوي (٤).

[في التوكيل بالخصومة، وفي جواز توكيل النساء]

وذكر في فتاوى قاضي خان بعد ما ذكر قول أبي حنيفة: «وقال محمد، والشافعي (٥)، وأبو يوسف [رحمهم الله] (٦) آخراً: يجوز التَّوكيل بالخصومة، ويستوي فيه الوضيع، والشريف، والرجل، والمرأة، وبه أخذ أبو القاسم الصفَّار (٧).

وقال شمس الأئمة السرخسي - رحمه الله - الصحيح عندي أنَّ القاضي إذا علم بالمدَّعِي التعنت في إباء التَّوكيل يقبل التَّوكيل، ولا يلتفت إليه، وإن علم من الموكل القصد إلى الإضرار بالمدعي ليشتغل الوكيل بالحِيَل، والأباطيل، والتلبيس لا يقبل منه التوكيل» (٨).

«ويجوز للمرأة المخدَّرة أن توكِّل؛ وهي التي لم تخالط الرجال بكراً كانت، أو ثيباً. كذا ذكر أبو بكر الرازي (٩) - رحمه الله - وعليه الفتوى.


(١) ينظر: النقل المتقدم من المبسوط.
(٢) الهداية (٣/ ١٣٧).
(٣) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ٢٢٣).
(٤) ينظر: شرح مختصر الطحاوي للجصاص (٨/ ١٢٦).
(٥) ينظر: التهذيب للبغوي (٤/ ٢١٢)، الحاوي الكبير (٦/ ٥٠٩).
(٦) سقط من: «ج».
(٧) أبو القاسم الصفار البلخي، نقل عن الفقيه أبو جعفر الهندواني فى طبقة الكرخي، تفقه عليه جماعة: منهم أحمد بن الحسين المروزي والصفار، مات سنة ٣٣٦ هـ.
ينظر: الجواهر المضية (٢/ ٢٦٣).
(٨) فتاوى قاضي خان (٣/ ٣).
(٩) هو الإمام أبو بكر أحمد بن علي الجصاص، الرازي، إمام الحنفية في عصره أخذه عن أبي سهل الزجاج، وتفقه على أبي الحسن الكرخي، وبه انتفع واستقر التدريس له ببغداد، وانتهت الرحلة إليه ورئاسة الحنفية، وسئل ولاية القضاء فامتنع، وكان على طريق من تقدمه في الزهد والورع، وله تصانيف منها: أحكام القرآن، و شرح مختصر الكرخي، و شرح مختصر الطحاوي، وغيرها، مات سنة ٣٧٠ هـ.
ينظر: الجواهر المضية (١/ ٨٤)، سير أعلام النبلاء (١٦/ ٣٤٠).