للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وولد المغصوبة ونماؤها) كالسِّمَن (١) والجَمَال، أما الأكساب الحاصلة باستغلال الغاصب فهي ليست من قَبيل نماء المغصوب؛ لأنه لا يستقيم فيه الاستثناء بقوله: (إلا أن يتعدّى فيها أو يطلبها صاحبها فيمنعها) لِما ذكرنا: أن الغَلَّة الحاصلة من المغصوب باستغلال الغاصب غير مضمونة عليه، وإن استملكها لِما أنها عِوض عن منافع المغصوب [ومنافع المغصوب] (٢) غير مضمونة عندنا (٣)، فكذا بدلها.

[[الخلاف في ضمان زوائد الغصب]]

(وقال الشافعي (٤) (٥) - رحمه الله-: زوائد الغصب مضمونة متصلة كانت) كالسِّمَن والجمال (أو منفصلة) كالولد (ولنا: أن الغصب إثبات اليد على مال الغير على وجه يُزيل يد المالك) فكان الاختلاف على هذا التقدير في هذه المسألة بيننا وبين الشافعي مُبيَّنًا على حد الغصب، وقوله (على ما ذكرنا) إشارة إلى ما ذكره في أوّل الغصب بقوله: (وفي الشريعة:/ أخذ مال متقوم محترم بغير إذن المالك على وجه يزيل يده (٦).

[[حد الغصب]]

فإن قلتَ: هذا الذي ذكره من حدّ الغصب منقوض طردًا وعكسًا، أما طردًا ففيما إذا غصب الجارية حاملًا، وولدت عند الغاصب، فالولد أمانة، كما لو لم تكن حاملًا فحبلت في يد الغاصب وولدت، مع أنّ الغصب وَرَدَ على الجارية بجميع أجزائها، والولد جزء منها، فيجب أن يكون الولد مضمونًا كأمّه؛ نظرًا إلى طرد هذا الحد، وليس كذلك، والرواية في «الأسرار» (٧).


(١) السِّمَنِ: خِلَافِ الضُّمْرِ وَالْهُزَالِ، يُقَالُ هُوَ سَمِينٌ. مقاييس اللغة مادة (س م ن) (٣/ ٩٧)، واصطلاحًا: كثرة اللحم والشحم في البدن. معجم لغة الفقهاء (ص: ٢٥٠).
(٢) في (ع): سقط نظر.
(٣) انظر: شرح الطحاوي للجصاص (٣/ ٣٢٩)، المبسوط للسرخسي (١١/ ٧٨)، تحفة الفقهاء (٣/ ٩٠).
(٤) قال النووي: (زوائد المغصوب منفصلة كانت كالولد والثمرة والبيض أو متصلة كالسمن وتعلم الصنعة مضمونة على الغاصب كالأصل، سواء طلبه المالك بالرد أم لا). روضة الطالبين (٥/ ٢٧)، وانظر: العزيز (٥/ ٤٠٤)، تحفة المحتاج (٦/ ٢٤)، نهاية المحتاج (٥/ ١٦٥).
(٥) وبقول الشافعي قال أحمد، وقال المالكية في الأرجح عندهم: (إذا كانت الزيادة التي بفعل الله متصلة كالسمن والكبر فلا تكون مضمونة على الغاصب. وأما إذا كانت الزيادة منفصلة ولو نشأت من غير استعمال الغاصب كاللبن والصوف وثمر الشجر، فهي مضمونة على الغاصب إن تلفت أو استهلكت، ويجب ردها مع المغصوب الأصلي على صاحبها). انظر: الذخيرة للقرافي (٨/ ٢٨٣)، الشرح الكبير للدردير (٤٤٨/ ٣)، المغني (٥/ ١٩٤)، الشرح الكبير على متن المقنع (٥/ ٤٠٩).
(٦) انظر: الاختيار (٣/ ٥٨)، الجوهرة النيرة (١/ ٣٣٨)، اللباب (٢/ ١٨٨).
(٧) انظر: الأسرار للدبوسي (٣/ ٩٧).