للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ولو أرسله من يده) (١)

أي: لو أخذ الصيد ملكه، ثم لو أرسله فباعه بعد ذلك لا يجوز أيضاً، وإن كان ملكه غير مقدور التسليم، فكان عدم جواز البيع قبل الأخذ لعلتين، وهما: عدم الملك، وعدم القدرة على التسليم، وبعد الأخذ عدم الجواز للعلة الثابتة، وهي عدم قدرته على التسليم، "وذكر الإمام التمرتاشي - رحمه الله -: ولو باع طيراً يذهب ويجيء كالحمام، فالظاهر أنه لا يجوز، وذكر في فتاوي قاضي خان: وإن باع طيراً له يطير في الهواء، إن كان داجناً يعود إلى بيته ويقدر على أخذه من غير تكلف جاز بيعه، وإلا فلا" (٢).

[[بيع الحمل ونتاجه]]

ولا بيع الحمل بسكون الميم، أي: لا يجوز بيع الجنين، ثم ذكر النتاج بعده بقوله:

(ولا النتاج) يعني نتاج الحمل، وهو حبل الحبلة في الحديث، يقال: نتجت الناقة على ما لم يسم فاعله ينتج نتاجاً، وقد نتجها أهلها نتجاً، والنتاج في الأصل مصدر نتجت الناقة -بالضم- ولكن أريد به المنتوج ههنا، وأما الحديث نهى عن حبل الحبلة (٣)، "والحبل مصدر حبلت المرأة حبلاً، فهي حبل، فسمي به المحمول (٤) كما سمي بالحمل، وإنما أدخلت عليه التاء للإشعار بمعنى الأنوثة فيه؛ لأن معناه أن يبيع ما سوف يحمله الجنين إن كان أنثى، ومن روى الحبلة -بكسر الباء- فقد أخطأ"، كذا في الصحاح (٥) والمغرب (٦).

وذكر في المبسوط (٧): "فمنهم من يروي الحبلة -بالكسر- فيتناول بيع الحمل، ومنهم من يروي بفتح الحبلة، فيكون المراد بيع ما يحمل هذا الحمل أو ولدت، ثم حبلت ولدها، فالمراد بيع حمل ولدها، وكانوا في الجاهلة يعتادون ذلك، فأبطل ذلك كله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بنهيه عن بيع المضامين (٨) والملاقيح (٩)، وعن بيع حبل الحبلة" (١٠).


(١) قال في الهداية: "قال: ولا بيع الطير في الهواء؛ لأنه غير مملوك قبل الأخذ، وكذا لو أرسله من يده لأنه غير مقدور التسليم" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٧٣).
(٢) شرح فتح القدير (/ ٣٧٧).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه، عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «نهى عن بيع حبل الحبلة»، وكان بيعاً يتبايعه أهل الجاهلية، كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة، ثم تنتج التي في بطنها، كتاب البيوع، باب بيع الغرر وحبل الحبلة، رقم (٢١٤٣)، (٧/ ٧٠)، ومسلم، كتاب البيوع، باب تحريم حبل الحبلة، رقم (٥ - ١٥١٤)، (٣/ ١١٥٣).
(٤) "المجهول" في (ج).
(٥) ينظر: الصحاح (٤/ ١٦٦٥).
(٦) المغرب (١/ ١٠١ - ١٠٢).
(٧) المبسوط للسرخسي (١٢/ ١٩٥).
(٨) المضامين ما في أصلاب الفحول. غريب الحديث للقاسم بن سلام (١/ ٢٠٨)، جمهرة اللغة (١/ ٥٥٩).
(٩) الملاقيح ما في البطون، وهي الأجنة والواحدة منها ملقوحة. غريب الحديث للقاسم بن سلام (١/ ٢٠٨)، جمهرة اللغة (١/ ٥٥٩).
(١٠) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، باب العين، من طريق عكرمة عن ابن عباس، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «نهى عن بيع المضامين والملاقيح وحبل الحبلة» برقم (١١٨٥١)، (١١/ ٢٣٠)، وكذا البزار (عن ابن عباس) ورواه البزار عن ابن عمر، قال الهيثمي: فيه إبراهيم بن إسماعيل بن جبيبة: وثقه أحمد، وضعفه جمهور الأئمة، وأخرجه عبدالرزاق، قال ابن حجر: وسنده قوي. فيض القدير (٦/ ٣٠٧)، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (٤/ ١٠٤)، الدراية في تخريج أحاديث الهداية (٢/ ١٤٩).