للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بَيْنَ الْمِصْرَيْنِ تَفَاوُتٌ، أي بعد.

وَفِي عَكْسِهِ، وهو أن تنتقل بالولد من المصر إلى القرية، فليس لها ذلك، وإن كانت قريبة إلا إذا وقع أصل النكاح هناك فحينئذ لها ذلك، كذا في «شرح الطّحاوي».

ضَرَرٌ بِالصَّغِيرِ، أي: وإن لم يكن فيه ضرر بالأب؛ لإمكان مطالعته إيّاه بسبب قربه، والله أعلم. [٣٨٧/ ب]

[باب النفقة]

النفقة اسم بمعنى الإنفاق، وهو عبارة عن الإدرار على الشيء بما هو بقاء ذلك الشيء به، وحقيقته جعله نافعًا في حقّه، أي: هالكاً من نفقت الدابة أي هلكت.

وذكر الزمخشري (١) وتركيب الكلمة على الهلاك والذهاب، فإن ما كان فاءه نونًا وعنه فاءً دال على ذلك، كنفذ ونفر، ثم اعلم بأن بقية الغير تجب على الغير بأسباب منها الزوجية، ومنها النّسب، ومنها الملك، فبدأ الباب ببيان نفقة الزوجات، والأصل فيه قوله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (٢) وقال تعالى: {وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} (٣).

وقال تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} (٤) معناه: أسكنوهن من حيث سكنتم، وأنفقوا عليهن من وجدكم، وبه قرأ عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- وقال -عليه السلام-: «أوصيكم بالنساء خيراً، فإنّهن عندكم عوان، اتخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، وإن لكم عليهنّ أن لا يوطئن فرشكم أحدًا، وأن لا يؤذنّ في بيوتكم لأحدٍ تكرهونه، فإذا فعلن ذلك فاضربوهنّ ضرباً غير مبرّح، وإن لهن عليكم نفقتهن وكسوتهن بالمعروف» (٥)، كذا في المبسوط (٦) والذخيرة (٧).


(١) العلامة، كبير المعتزلة، أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد الزمخشري، الخوارزمي، النحوي، ولد في زمخشر (من قرى خوارزم) سنة ٤٦٧ هـ، وسافر إلى مكة فجاور بها زمنا فلقب بجار الله. وتنقل في البلدان، ثم عاد إلى الجرجانية (من قرى خوارزم) فتوفي فيها، أخذ النحو عن أبي مضر، أشهر كتبه (الكشاف) في تفسير القرآن، و (أساس البلاغة) و (المفصل)، توفي سنة ٥٣٨ هـ. ينظر: وفيات الأعيان (٥/ ١٦٨)، سير أعلام النبلاء (٢٠/ ١٥١).
(٢) سورة البقرة: ٢٣٣.
(٣) سورة النساء: ٣٤.
(٤) سورة الطلاق: ٦.
(٥) أخرجه الترمذي في سننه، أبواب الرضاع، باب ما جاء في حق المرأة على زوجها (١١٦٣)، وقال: "هذا حديث حسن صحيح" (٢/ ٤٥٨)، وابن ماجه في سننه، كتاب النكاح، باب حق المرأة على وزجها (١٨٥١).
(٦) المبسوط للسرخسي (٥/ ١٨١).
(٧) المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٥١٩).