للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وإنْ كان ممَّن يتغيَّر به يعطى الأقلُّ للتيقُّن به) كالزوجة والأم، فإنّه إنْ كان الحمل حيًّا يرِث الزّوجة الثُّمن والأمّ السُّدس، وإنْ لم يكُن حيًّا فهما ترثان الرُّبع والثُّلث فيُعطيان الثُّمن والسُّدس للتيقُّن.

(كما في المفقود)، وهو أنَّه إذا مات الرَّجل وترك جدَّة وابنًا مفقودًا فللجدَّة السُّدس كما ذكرنا في الحمل لأنّه لا يتغيَّر نصيبها. وكذلك لو ترك أخًا وابنًا مفقودًا لا يُعطى للأخ شيءٌ. وكذلك لو تَرك أُمَّا وابنًا مفقودًا، فإنَّه، إنْ كان المفقود حيًّا تستحقُّالأم (١)، وإن كان ميتًا يستحق (٢) الثلث، كما في الحمل، والله أعلم بالصواب (٣).

كتاب الشَّرِكة (٤)

للشَّرِكة مناسبة للُّقطة والإباق والمفقود من حيث إنَّ المال أمانة في يد الشَّريك، كما أنَّ اللُّقطة والعبد الآبق أمانةٌ في يد الآخذ عند الإشهاد، ومال المفقود أمانة في يد من كان المال في يده. ولكن للشَّركة مناسبة خاصة للمفقود من حيث إنَّ قريب المفقود لو مات كان فيه اختلاط مال المفقود الحاصل من الإرث بمال غيره من الوارث على تقدير الحياة؛ وفي الشَّركة اختلاط المالين، فلذلك ذكرها عقيب المفقود دون غيره. وقدَّم المفقود عليها لأنّ للمفقود مناسِبة خاصّة للإباق مِن حيث شمول عرضية الفوت فيهما على ما ذكرنا، ثُم محاسن الشَّركة ما هو محاسن البيوع فنذكرها فيها، إن شاء الله تعالى.

اعلم أنَّ الشّركة: عبارة عن اختلاط النَّصيبين فصاعدًا بحيث لا يُعرَف أحَد النَّصيبين من الآخر، ومنها "الشَّرَك" -بالتحريك-: حبالة الصائد؛ لأنَّ فيه اختلاط بعض حبله بالبعض، ثُمَّ يطلق اسم الشِّركة على العقد، وهو عقد الشِّركة وإنْ لم يوجَد اختلاط النَّصيبين؛ لأنَّ العقد سبب له.

وركنها في شركة الملك اجتماع النَّصيبين، وذكر في العقد ركن شركة العُقود وشرطها. وأمَّا حكمها فهو الشّركة في الربح [مع الشركة في رأس المال فيما كان بناؤها على المال، وبهذا يقع الاحتراز عن حكم المضاربة] (٥).

[[حكم الشركة]]

قوله (الشَّرِكة جائزة).

وذكر في المبسوط: الأصل في جواز الشّركة ما روى السَّائب بن شريك أنَّه جاء إلىرسول الله -عليه الصلاة والسلام- فقال (٦): أتعرفني؟ فقال: "فكيف لا أعرفك وكنت شريكي وكنت خير شريك، لا تداري ولا تماري" (٧)، أي: لا تلاجّ ولا تخاصِم.


(١) في (ب) "السدس" بعد "الأم".
(٢) في (ب) "تستحق".
(٣) ساقط من (ب).
(٤) في (ب) "بسم الله الرحمن الرحيم، كتاب الشركة".
(٥) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب).
(٦) في (ب) "قال".
(٧) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط، برقم (١٥٢٢) ٢/ ١٤٤ عن قيس بن السائب قال: "إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان شريكي في الجاهلية، فكان خير شريك، لا يداري ولا يماري" لم يرو هذا الحديث عن إبراهيم إلا محمد بن مسلم، تفرد به عبد الرحمن.
قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (٩/ ٤٠٩).