للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عند الشافعي (١) إذا أحرم بالعمرة قبل أشهر الحجّ لم يكن متمتعًا، وإن كان أداء أعمال العمرة في أشهر الحجّ، وعنده المعتبر وقت الإحرام بالعمرة، وعند مالك (٢) وقت التحلل من الإحرام.

ونحن نقول: إن كان أداء الأعمال قبل أشهر الحجّ لم يكن [متمتعًا] (٣)؛ لأن إحرامه في غير أشهر الحجّ صار بحيث لا يفسد بالجماع، وهو كما لو تحلل منه، وإن لم يأت بالأعمال حتى دخل أشهر الحجّ، فإحرامه العمرة في أشهر الحجّ بحيث يفسد بالجماع، وكما لو أحرم بها في أشهر الحجّ؛ لأنه مترفق بأداء النسكين في أشهر الحجّ (٤) كذا في «المبسوط» (٥).

(والحجّة عليه ما ذكرنا).

وهو قوله: (وهذا لأنه صار بحال لا يفسد نسكه بالجماع)؛ لأن نسك العمرة يفسد إذا جامع بعدما طاف ثلاثة أشواط للعمرة، ولا يفسد إذا جامع بعدما طاف للعمرة أربعة أشواط علم للأكثر حكم الكل.

[أشهر الحج]

(وأشهر الحجّ شوال (٦)، وذو القعدة … إلى آخره) (٧).

وفائدة هذا يظهر في حق أفعال الحجّ، فإن شيئًا من أفعال الحجّ لا تصح

إلا فيها، وكذلك الإحرام عند الشافعي (٨) لا ينعقد إلا فيها، وعندنا يصح الإحرام قبل أشهر الحجّ، ولكن يكره، ويكون مسيئًا، كذا في «الكشاف» (٩)، و «شرح الطحاوي» (١٠)، وكذلك تظهر في حق المتمتع، فإن المتمتع هو الذي يجمع بين النسكين في أشهر الحجّ حتى أنه لو طاف لعمرته أربعة أشواط أو أكثر قبل أشهر الحجّ، ثُمَّ الباقي في أشهر الحجّ لا يكون متمتعًا.


(١) انظر: النووي في المجموع (٧/ ١٤٤)، مغني المحتاج (٢/ ٢٢٣).
(٢) انظر: الطرابلسي في "مواهب الجليل" (٢/ ٥٣٠).
(٣) أثبته من (ب) وفي (أ) سميعًا. ولعل الصواب ماأثبته لموافقته سياق الكلام.
(٤) قلت: وفي نهاية هذه المسائل أنقل خلاصة قيّمة في بيان مجاوزة الميقات المكاني، ذكرها ابن عابدين في رد المحتار (٧/ ٣٣١) خلاصة قيّمة في بيان مجاوزة الميقات المكاني للأصناف الثلاثة حيث قال ما خلاصته: «المحرم ثلاثة أصناف: آفاقي، وحِلّي، وحِرْمي، ولكلّ ميقات مخصوص، فمن أراد نسكًا وجاوز وقته، لزمه العود إليه، فإنّ كلَّ من لم يُحرم من ميقاته المعيّن له، لزمه دم، ما لم يعُد إليه، سواء كان حِرْميًا أم بستانيًا (وهو الحلي)، أم آفاقيًا، غاية الأمر أنه يشترط للزوم الإحرام في البستاني والحِرمي قَصْد النسك، ويكفي في الآفاقي قَصْد دخولِ الحرم، قَصَد مع ذلك نسكًا أم لا».
(٥) انظر: المبسوط (٤/ ٣١).
(٦) أوّلها: مستهلّ شوال بالاتفاق، أي: باتفاق الأربعة كما في هداية السالك (٢/ ٤٤٥).
(٧) انظر: بداية المبتدي (١/ ٤٩).
(٨) انظر: المجموع (٧/ ١٤٤)، مغني المحتاج (٢/ ٢٢٣).
(٩) انظر: الكشاف (١/ ٢٤٢).
(١٠) انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٢/ ٢١١)، العناية شرح الهداية (٣/ ١٧)، واللباب في شرح الكتاب (١/ ٢٠٣).