للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فإن قلتَ: ففي تخصيصك التمتع كأنك تشير إلى أنه لا يحتاج في أفعال عمرة القارن إلى أشهر الحجّ، والقياس يقتضي أن يكون حكم القارن كحكم المتمتع في ذلك لما أن شرعية القران إنما استفيدت من قوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى … الْحَجِّ} (١)، ولأن الدم واجب فيهما، وذلك (٢) لشرعية أفعال العمرة في أشهر الحجّ على ما ذكرت قبل هذا.

قلتُ: كثيراً ما [حيث] (٣) بأودية الشروح من نسخ الفقه، وما صادفت إلا بتخصيص المتمتع بأشهر الحجّ في جمع نسكين دون القارن ثُمَّ وجدت بعد لأي رواية في «المحيط» (٤) بأنه لا يشترط لصحة القران أن يكون أفعال عمرته في أشهر الحجّ.

وقال في «المنتقى» (٥): (رجل جمع بين حجة وعمرة) أي: أحرم، ثُمَّ قدم مكة، وطاف لعمرته في شهر رمضان كان قارناً [ولكن] (٦) لا هدي عليه، وقال مالك (٧): جميع ذي الحجّة من أشهر الحجّ أيضًا، وهو مروي أيضًا عن عروة بن الزبير (٨) استدلالًا بقوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} (٩)، وأقل الجمع المتفق عليه ثلاثة، وفائدة مذهبه إنما يظهر في حق جواز تأخير طواف الزيارة إلى آخره، فإن قلت: فكيف كان الشهران، وبعض الثالث أشهرًا.

قلتُ: اسم الجمع يشترك فيه ما وراء الواحد بدليل قوله تعالى: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} (١٠)، فلا سؤال فيه إذًا، وإنما يكون موضعًا للسؤال لو قيل: ثلاثة أشهر معلومات، وقيل: نزل بعض الشهر منزلة كله كما يقال: رأيتك سنة كذا أو على عهد فلان، ولعل العهد عشرون سنة أو أكثر، وإنما رآه في ساعة منها كذا في «الكشاف» (١١).


(١) سورة البقرة من الآية (١٩٦).
(٢) ساقطة من (ب).
(٣) أثبته من (ب).
(٤) انظر: العناية شرح الهداية (٣/ ١٧).
(٥) انظر: العناية شرح الهداية (٣/ ١٧).
(٦) أثبته من (ب).
(٧) انظر: مواهب الجليل للطرابلسي (٣/ ١٥).
(٨) عروة بن حواري رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وابن عمته صفية الزّبير بن العوام بن خوليد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب الإمام عالم المدينة الفقيه، أحد الفقهاء السّبعة. حدّث عن أبيه بشيء يسير لصغره، وعن أمه أسماء بنت أبي بكر الصّدّيق، وعن خالته أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ولازمها وتفقه بها. توفي سنة ثلاث وتسعين، وله سبع وستون سنة.
انظر: سير أعلام النبلاء (٤/ ٤٢١ - ٤٣٤).
(٩) سورة البقرة من الآية (١٩٧).
(١٠) سورة التحريم من الآية (٤).
(١١) انظر: الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (١/ ٢٤٣).