للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[التعدي لا يحصل بمجرد البيع بل بالتسليم]]

(أو باعه وسلّمه) وإنما ذكر التسليم لأنّ التعدي لا يتحقق بمجرد البيع، بل بالتسليم بعده (كما لو باع المُودَع الوديعة- وسلّمها فإنّه يكون ضامنًا- فإن قيل: فليس في البيع والتسليم تفويت يد المالك في الولد، قلنا: بل فيه تفويت يده؛ لأنه كان مُتمكنًا من أخذه من الغاصب، وقد زال ذلك ببيعه وتسليمه، فلوجود التفويت من هذا الوجه يكون ضامنًا). كذا في «المبسوط» (١).

[[ضمان ولد الظبية إذا أخرجه من الحرم]]

(من الإرسال) أي: في الحرم (ولو أطلق الجواب) أي: لو قيل بوجوب الضمان في ولد الظبية المُخْرجة من الحرم، سواء هَلك قبل التمكن (٢) من الإرسال أو هلك بعد التمكن من الإرسال (فهو ضمان جناية) [أي: إتلاف ذلك، لأنّ صيد الحرم وزوائده كان آمنًا في الحرم صيدًا، وذلك في بُعده عن أيدينا، فالوقوع في أيدينا تلف لمعنى الصيدية، فيَضمن لذلك بمجرّد الوقوع في أيدينا، كذا في «الأسرار» (٣).

(ولهذا يتكرر بتكررها) أي: يتكرر الجزاء بتكرّر هذه الجناية] (٤) فإنّه لو أدّى الضمان بسبب إخراج الصيد عن الحرم، ثم أرسله في الحرم، ثم أخرج ذلك الصيد من الحرم يجب ضمان آخر، كذا وجدت بخط شيخي (٥) - رحمه الله-؛ ولكن يَحتمل أن يكون معناه يتكرر وجوب الإرسال بتكرر هذه الجناية التي هي الإخراج من الحرم، وهذا أولى؛ لأنه أوفق لرواية «المبسوط» (٦) في المناسك، حيث جَعَل هناك إيصال صيد الحرم [إلى الحرم] (٧) بمنزلة إيصال المغصوب إلى يد المغصوب منه؛ وفي الغصب إذا (٨) أوصل المغصوب إلى المالك كما غصب لا يجب الضمان على الغاصب من شيء، ولكن يتكرّر وجوب الرد إلى المالك بتكرر الغصب، وكذا هنا.

[[يبرأ الغاصب من الجزاء إذا أرسل الظبية إلى الحرم]]

ولفظ «المبسوط» (٩) في المناسك: (مُحْرمٌ أو حلال أخرج صيدًا من الحرم فإنه يُؤْمر بِرَدِّه إلى الحرم؛ لأنّه كان بالحرم آمنًا صيدًا، وقد أزال ذلك الأمن عنه بإخراجه فعليه إعادة أَمْنِه بأن يَردَّه إلى الحرم فيُرسله فيه، وهذا لأن كلَّ فاعل هو مُتعدٍّ في فعله فعليه نَسْخ ذلك الفعل قال -عليه السلام-: «على اليد ما أخذت حتى تَرُدَّ» (١٠) ونسخ فعله بأن يُعيده كما كان، فإن أرسله في الحل فعليه جزاؤه؛ لأنه ما أعاده آمنًا كما كان، فإنّ الأمن كان ثابتًا بسبب الحرم، فما لم يصل إلى الحرم لا يعود إليه ذلك الأمن، ولا يَخْرج الجاني عن عُهدة فعله بمنزلة الغاصب إذا ردّه على غير المغصوب منه، فإن وصل إلى الحرم حينئذ [يبرأ عن] (١١) جزائه كما إذا وصل المغصوب إلى يد المغصوب (١٢) منه) هذا الذي ذكره كله في الزوائد المنفصلة.


(١) للسرخسي (١١/ ٥٥).
(٢) في (ع): (الضمان) وما أثبت هو الصحيح. انظر: الهداية (٤/ ٣٠٣).
(٣) انظر: الأسرار (٣/ ٩٦).
(٤) في (ع): سقط نظر.
(٥) انظر: فتح القدير (٩/ ٣٥٠)، العناية شرح الهداية (٩/ ٣٥٠)، البناية شرح الهداية (١١/ ٢٤١).
(٦) انظر: المبسوط للسرخسي (٤/ ٩٥).
(٧) سقطت في (أ).
(٨) في (ع): (لو).
(٩) للسرخسي (٤/ ٩٥).
(١٠) سبق تخريجه، ص (٢٤٠).
(١١) في (ع): (هو أمن).
(١٢) في (ع): (الغاصب) وما أثبت هو الصحيح. انظر: المبسوط للسرخسي (٤/ ٩٥).