للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

باب العنّين

لما ذكر وجوه أحكام الأصحّاء المتعلّقة بالنكاح والطلاق، ذكر في هذا الباب أحكام من به نوع مرض لها تعلّق بالنكاح والطّلاق؛ لأنّ حكم من به العوارض أبدًا يعقب حكم الأصحّاء.

العنّين هو الذي لا يقدر على إتيان النساء؛ من عُنّ إذا حبس في العنة، وهي حضيرة الإبل أو [من] (١) عَنّ إذا عرض؛ لأنّه يَعِنّ يمينًا وشمالاً ولا يقصده، وقيل: سُمي العنّين عنّينًا لأنّ ذكره يسترخي فيعنَّ يمينًا وشمالاً ولا يقصد المأتي من المرأة (٢).

وجمع العنّين: عنن وفي البصائر (٣) قل فلان عنين من التعنين ولا تقل بين العُنة كذا في المغرب (٤) [وغيره] (٥).

وذكر الإمام قاضي خان وظهير الدين -رحمهم الله- العنّين هو الذي لا يصل إلى النساء مع قيام الآلة (٦) فإن كان يصل إلى الثيب (٧) دون البكر (٨) وإلى بعض النساء دون البعض وذلك لمرض به أو لضعف في خلقه أو لكبر سنّه أو سِحر (٩) فهو عنّين في حق من لا يصل إليها لفوات المقصود في حق من لا يصل إليها (١٠).

وَقَدَّرْنَاهَا بِالسَّنَةِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ، وذلك لأنّ التأجيل لإبلاء العذر والحول حسن في ذلك، قال لبيد (١١) لابنيه عند وفاته:

فقوما وقولا بالذي قد علمتما

ثم اسم السّلام عليكما ومن … ولا تخمشا وجها ولا تحلقا الشعر إلى الحول يبك حولاً كاملاً فقد اعتذر (١٢)

ولأن العجز عن الوصول قد يكون لغلبة الرطوبة، فإنّه يعالج ذلك في فصل الحر واليبوسة من السنة، وقد يكون لغلبة الحرارة فإنما يعالج له في فصل البرد، وقد يكون لغلبة اليبوسة، وإنّما يعالج له في فصل الرطوبة، فقدرنا الأجل بحول حتّى يعالج نفسه، فيوافقه العلاج في فصل من فصول السنة فيبرأ فإذا مضت السنة ولم يصل إليها علم أن الآفة في أصل الخلقة، ولهذا قالوا يقدّر بسنة شمسية أخذاً بالاحتياط؛ لأنّه ربّما يكون بموافقة العلاج في الأيّام التي يقع التفاوت فيها بين السنة القمرية والشمسية، كذا في «المبسوط» (١٣).


(١) زيادة في (ب).
(٢) ينظر: (التعريفات للجرجاني ص: ١٥٨).
(٣) كتاب البصائر والذخائر، لأبو حيان التوحيدي، علي بن محمد بن العباس، توفي سنة: ٣٨٠ هـ. ينظر: كشف الظنون (١/ ٢٤٦).
(٤) المغرب في ترتيب المعرب (ص: ٣٣٠).
(٥) سقطت من (أ).
(٦) آلة الرجل: ذكره. ينظر: معجم لغة الفقهاء (ص ٣٧).
(٧) الثيب من النساء: التي تزوجت وفارقت زوجها بأي وجه كان بعد أن مسها. ينظر: العين (٨/ ٢٤٩)، تهذيب اللغة (٥/ ١١١)، لسان العرب (١/ ٢٤٨).
(٨) البِكْرُ: التي لم تمس من النساء بعد، والْبَكَارَةُ بِالْفَتْحِ عُذْرَةُ الْمَرْأَةِ. ينظر: العين (٥/ ٣٦٤)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (١/ ٥٩).
(٩) سحر: السِّحْر: كلُّ ما كان من الشيطان فيه مَعُونة. العين (٣/ ١٣٥).
(١٠) ينظر: كنز الدقائق (ص: ٣٠٣)، الدر المختار (ص: ٢٤٤).
(١١) هو لَبِيد بن ربيعة بن مالك، أبو عقيل العامري: أحد الشعراء الفرسان الأشراف في الجاهلية، من أهل عالية نجد، أدرك الإسلام، ووفد على النبي صلّى الله عليه وآله ويعد من الصحابة، ومن المؤلفة قلوبهم، ترك الشعر، وسكن الكوفة، وعاش عمرا طويلا. وهو أحد أصحاب المعلقات. ومطلع معلقته: " عفت الديار محلها فمقامها بمنى، تأبد غولها فرجامها " توفي سنة ٤١ هـ. ينظر: الأعلام للزركلي (٥/ ٢٤٠)
(١٢) ينظر: لباب الآداب للثعالبي (ص: ١٣١).
(١٣) المبسوط للسرخسي (٥/ ١٠١).