للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورَوى الحسنُ عن أبي حنيفةَ -رحمه الله- (١) قالُ: كُلُّ مسجدٍ لهُ إمامٌ، ومَؤذِنٌ معلومٌ، ويصلي فيه الصلواتِ الخمسَ بالجماعةِ، فإنهُ يعتِكفُ فيهِ./

[[المسجد هو مكان الاعتكاف]]

وفي «الإيضاح» (٢): ورَوَى الحسنُ عن أبي حنيفةَ -رحمه الله-: أنهُ لا يَصِحُّ إِلاَّ في مسجدٍ يُصليِّ فيه الصلواتِ كُلهَّا (٣). وفي «الذخيرة» (٤) قِيلَ: أرادَ أبو حنيفةَ -رحمه الله- هذا غيرَ المسجدِ الجامعِ، فإنّ في المسجِد الجامعِ يجوزُ الِاعْتِكَافُ فيه، وإنْ لم يُصلُّوا فيهِ الصلواتِ كلُهَّا بجماعة (٥). وفي المنتقى (٦) عن أبي يوسفَ -رحمه الله-: أنَّ الِاعْتِكَافَ الواجبَ لا يجوزُ أداؤُهُ في غير مسجدِ الجماعةِ، وأمّا النفلُ فيجوزُ أداؤُهُ في غيرِ مَسْجدِ الجَماعةِ (٧)، وكانَ سعيدُ بنُ المسيبِ -رحمه الله- (٨) (٩) يقولُ: لا اعتكافَ إِلاَّ في مسجدينِ: مسجدِ المدينةِ، ومسجدِ الحرام، ومن العلماء (١٠) من قال: لا اعتكاف إِلاَّ في ثلاثة مساجد (١١)، وضموا إلى هذين المسجدينِ، المسجدِ الأقصى، لقولهِ -عليه الصلاة والسلام-: «لا تُشَدُّ الرِحَالُ إِلاَّ إلى ثلاثةِ مساجدَ» (١٢)، وهي هذه المساجدُ والدليلُ على الجوازِ في سائرِ المساجدِ قولُه تعالى: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (١٣)، فعمَّ المساجَد في الذِكْرِ (١٤)، وذُكِرَ عن حُذيفةَ -رضي الله عنه- قالَ: «لا اعتكافَ إِلاَّ في مسجدِ جمَاعةٍ» (١٥) هذا بيانُ حُكْمِ الجوازِ فأمّا الأفضلُ، فهو الِاعْتِكَافُ في المسجدِ الحرامِ أفضلُ منهُ في سائرِ المساجدِ، وفي سائرِ البلادِ الِاعْتِكَافُ في الجامعِ أفضلُ منهُ في سائرِ المساجدِ.


(١) يُنْظَر: المَبْسُوط (٣/ ٢٠٨)، فَتْحُ الْقَدِيرِ (٢/ ٣٩٤).
(٢) يُنْظَر: اللباب شرح الْكِتَاب (١/ ٨٨).
(٣) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة (٢/ ٣٩٣).
(٤) يُنْظَر: الْمُحِيط الْبُرْهَاني (٢/ ٦٧٤).
(٥) يُنْظَر: المحيط للبرهاني (٢/ ٦٧٤).
(٦) يُنْظَر: فَتْحُ الْقَدِيرِ (٢/ ٣٩٤)، مراقي الفلاح (١/ ٢٦٢).
(٧) يُنْظَر: فَتْحُ الْقَدِيرِ (٢/ ٣٩٤).
(٨) هو: سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب المخزومي القرشي، أبو محمد: سيد التابعين، وأحد الفقهاء السبعة بالمدينة. ولد سنة ١٣ هـ. جمع بين الحديث والفقه والزهد والورع، وكان يعيش من التجارة بالزيت، لا يأخذ عطاء. وكان أحفظ الناس لأحكام عمر بن الخطاب وأقضيته، حتى سمي راوية عمر. توفي بالمدينة سنة ٩٤ هـ.
يُنْظَر: (الثقات: ٤/ ٢٧٣)، و (التاريخ الكبير: ٦/ ٤٢٦)، و (الأَعْلَام للزركلي: ٣/ ١٠٢).
(٩) أخرجه عنه ابن أبي شيبة في مصنفه، باب من قال: لا اعتكاف إلا في مسجد يجمع فيه (٣/ ٩١).
(١٠) أخرجه عنه ابن أبي شيبة في مصنفه، باب من قال: لا اعتكاف إلا في مسجد يجمع فيه (٣/ ٩١). عن حذيفة -رضي الله عنه- وعن الزهري رحمه الله.
(١١) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي (٣/ ٢٠٨).
(١٢) رَوَاهُ الْبُخَارِيُ في صحيحه، كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة، باب فضل الصلاة في مسجد مكة (١١٣٢). ومسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد (١٣٩٧)، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(١٣) سورة البقرة الآية (١٨٧).
(١٤) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي (٣/ ٢٠٨).
(١٥) رَوَاهُ ابن أبي شيبة في مصنفه (٩٧٦٢ - ٣/ ٩١)، والطبراني في المعجم الكبير (٩٥٠٩ - ٩/ ٣٠١).