للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «الإيضاح» (١) و «المغني» (٢): فلو باع المضارب دارًا من المضاربة، ورب المال شفيعها، فلا شفعة له سواء كان في الدار ربح أو لم يكن؛ لأن المضارب باع الدار لرب المال، وقد عرف أن المضارب وكيل رب المال بالبيع، فلا شفعة فيه، وهذا بخلاف ما إذا اشترى المضارب دارًا، ورب الدار شفيعها بدار له أخرى، فله أن يأخذ الشفعة؛ لأن شرى المضارب، وإن وقع له ولكن في الحكم كأنه مال ثالث.

ألا ترى أنه لا يقدر أن ينزعه من يده، فيكون له أن يأخذه، وذكر محمد في المسألة الأولى، وليس إذا كان رب المال لا يملك نهيه عن البيع ما يدل على أن المضارب ليس بوكيل بالبيع من جهته.

ألا ترى أن رجلاً لو رهن من آخر دارًا، أو سلط العدل على بيعها إذا حل أجل الدين حتى يستوفي الدين من الثمن لم يكن للراهن أن ينهاه عن البيع، وإن باعها/ العدل والراهن شفيعها بدار له أخرى لم يكن للراهن أن يأخذها بالشفعة؛ لأن العدل وكيل الراهن بالبيع، مع أن الراهن لا يملك رهنه (٣) عن البيع (٤).

وقوله: (في حصة الربح)، أي: في حصة ربح المضارب.

[قوله] (٥): [قال -رحمه الله] (٦) - قال -رضي الله عنه-: (هكذا ذكر في أكثر النسخ (٧) المختصر: (والصحيح: أو (٨) يصالح عنها بإنكار»، يعني: عطف في المختصر.

[الشفعة في الصلح على الإنكار]

قوله: (أو يصالح عليها بإنكار) على الصور التي لا شفعة فيها فيما ذكر قبله، وهو قوله: (ولا شفعة في الدار [التي] (٩) يتزوج الرجل عليها، أو يخالع المرأة بها)، إلى أن قال: (أو يصالح عليها بإنكار) حيث ألحق هذه الصورة بالصور التي لا تجب فيها الشفعة، ليس (١٠) كذلك، بل إنما كان عدم وجوب الشفعة في الصلح على الإنكار فيما إذا كانت الدار مصالحًا عنها لا مصالحًا عليها؛ لأن الصلح إذا وقع على الدار وجبت الشفعة في الأحوال الثلاث؛ من إقرار، وإنكار، وسكوت، والتفصيل بين الإقرار والإنكار فيما إذا وقع الصلح على الدراهم عن الدار؛ لأنه ذكر في الفصل الثالث من شفعة «الذخيرة» (١١): «وإذا ادعى حقًّا على إنسان، وصالحه المدعي قبله، أي: المدَّعى عليه على دار فللشفيع أن يأخذ الدار بالشفعة، سواء كان الصلح عن إنكار أو إقرار، ويدخل السكوت تحت الإنكار، وإنما تثبت الشفعة هنا؛ لأن التملك بالشفعة يقع على المدعي، وفي زعم المدعي أنه ملك هذه الدار عوضًا عما هو عين مال؛ فيبنى الأمر على زعمه، وبمثله لو ادَّعى دارًا في يدي رجل، وصالحه المدعى قِبَله [على] (١٢) أن يعطيه المدعى قبله دراهم، ويترك الدار على المدعى قبله ينظر إن كان الصلح على إقراره (١٣) [قبله بالشفيع، وإن كان الصلح عن إنكار فلا شفعة للشفيع؛ لأن التملك بالشفعة هاهنا يقع على المدعى قبله فإذا كان الصلح على إقرار] (١٤) ففي زعمه أنه تملك الدار بعوض هو عين مال، وإذا كان الصلح عن إنكار ففي زعمه أنه لا يملك الدار بعوض أصلاً، وإنما دفع الدراهم (١٥) فداء عن اليمين، فإذًا في الفصول كلها تعبير زعم من يقع التملك عليه، بخلاف ما إذا صالح عنها (١٦) بإقرار، أي يجب فيه الشفعة.


(١) ينظر: البناية: ١١/ ٣٥٧.
(٢) ينظر: المغني: ٥/ ٢٥٥، البناية: ١١/ ٣٥٧.
(٣) في (ع): «نهيه»، والصواب ما هو ثابت في المتن.
(٤) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١٥٦، البناية: ١١/ ٣٥٧.
(٥) زيادة من: (ع).
(٦) ساقطة من: (ع).
(٧) في (ع): «نسخ».
(٨) في (ع): «أن».
(٩) ساقطة من: (ع).
(١٠) في (ع): «وليس».
(١١) ينظر: المحيط البرهاني: ٧/ ٢٥٣.
(١٢) زيادة من: (ع).
(١٣) في (ع): «إقرار المدعى».
(١٤) ما بين المعكوفين ساقط من: (ع).
(١٥) في (ع): «الدار».
(١٦) في (ع): «عليها».