للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"فإذا زال صار كأن لم يكن، كالراهن يبيع المرهون ثم يفتكه (١) / قبل الخصومة"، كذا في المبسوط (٢). ولو باع الآبق من ابنه الصغير لا يجوز، ولو وهبه له أو ليتيم في حجره جاز؛ لأن ما بقي له من اليد في الآبق يصلح لقبض الهبة دون البيع، وإعتاق الآبق عن الكفارة جائز، إذا علم حياته (٣) ومكانه، كذا ذكره التمرتاشي.

[[بيع لبن المرأة]]

ولا بيع لبن امرأة في قدح (٤)

"قيل (٥): ذكر القدح اتفاقي، فإن حرمة نفعه غير موقوفة إلى كونه في القدح، بل لا يجوز، سواء كان في ثدي المرأة أو في القدح، ولكنه أخرج الكلام مخرج العادة فقال: ولا بيع لبن امرأة في قدح؛ لأن العادة جارية بأن يجعل اللبن في القدح، ولكن الأصح فيه أن يقال: إن هذا قيد مفيد؛ وذلك أنه لو لم يذكر القدح لتوهم أنه يجوز بيعه إذا كان في القدح، وإنما لا يجوز بسبب كونه في الثدي، كما هو الحكم في ألبان سائر الحيوانات، أنه إذا باعه وهو في الضرع لا يجوز، وإذا كان في القدح أو في غيره من الإناء يجوز.

إلى هذا المعنى أشار الإمام أبو جعفر- رحمه الله - في كشف الغوامض (٦) " (٧) بقوله بأن رواية الجامع الصغير أزالت الشبهة التي ترد في وضع (٨) رواية كتاب الإجارات، وعلل شمس الأئمة - رحمه الله - في حرمة بيعه بقوله: إن لبن الآدمية في حكم المنفعة حتى يجوز استحقاقه بعقد الإجارة، وبيع مثله لا يجوز، وإلى هذه النكت أشار ابن سماعة (٩) عن محمد - رحمهما الله - فقال: جواز استئجار الظئير دليل على فساد بيع لبن الآدمية، وفساد استئجار الأنعام لمنفعة اللبن (١٠) دليل على جواز بيع ألبانها، وفي تجويز بيع لبن الآدمية فساد فإنه يثبت حرمة المصاهرة بين صاحبة اللبن وبين من يربى به من الصبيان، فإذا لم يكن معلوماً يتمكن فساد في الأنكحة بين الناس، والله لا يحب الفساد (١١) " (١٢).


(١) "هتكه" في (ج).
(٢) المبسوط للسرخسي (١٣/ ١٠).
(٣) "حيوية" في (أ)، بالرسم العثماني.
(٤) قدح: القدح: من الآنية. مجمل اللغة لابن فارس (ص: ٧٤٦).
(٥) سقط من (ب).
(٦) كشف الغوامض في الفروع، لأبي جعفر الهنداوني، الفقيه. ذكر فيه بعض ما أورده محمد، في: الجامع الصغير.
وتوفي: سنة ٩٦٣ هـ، ثلاث وستين وتسعمائة.
(٧) البناية شرح الهداية (٨/ ١٦٤).
(٨) " مواضع" في (ب).
(٩) محمد بن سماعة بن عبد الله بن هلال بن وكيع بن بشر التميمي، أبو عبد الله، ذكره صاحب الهداية فى البيوع: الإمام، أحد الثقات الأثبات. توفى ابن سماعة سنة ثلاث وثلاثين ومائتين، وله مائة سنة وثلاث سنين. الجواهر المضية في طبقات الحنفية (٢/ ٥٨).
(١٠) سقط من (ب).
(١١) جزء من الآية: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة: ٢٠٥].
(١٢) تبيين الحقائق (٥/ ١٢).