للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[في شهادة الفروع عند عجز الأصول]

«حتى أدير عليها» (١)؛ أي: على مدة السَّفر عدة من الأحكام، نحو قصر الصلاة، والفطر في الصَّوم، وامتداد مسح الخف إلى ثلاثة أيام، وعدم وجوب تكبيرات التشريق على قول أبي حنيفة - رحمه الله - (٢)، والأضحية، والجمعة، وحرمة خروج المرأة من غير محرَمٍ أو زوج (٣).

«والأول أحسن»؛ أي: تقدير ثلاثة أيام.

«أحسن»؛ لأنَّ العجز شرعاً يتحقق بها كما في سائر الأحكام التي عددناها أثر فيها السفر [وكان] (٤) القول به موافقاً لحكم الشرع؛ فكان أحسن (٥).

«وبه»؛ أي: وبالثاني.

وهو ما قاله أبو يوسف - رحمه الله -: «أنَّه لو كان في مكان لو غدا لأداء الشَّهادة لا يستطيع أن يبيت مع أهله صح الإشهاد» (٦).

وذكر في الذَّخيرة (٧) بعد ذكر قول أبي يوسف - رحمه الله - (٨): «وكثير من المشايخ أخذوا بهذه الرواية، ثم قال: وروي عن محمد - رحمه الله - أنَّ الشَّهادة على الشَّهادة تجوز كيف ما كان، حتى روي عنه: إذا كان الأصل في زاوية المسجد، فشهد الفرع على شهادته في زاوية أخرى من ذلك المسجد تقبل شهادتهم.

وذكر شمس الأئمة السرخسي، والقاضي الإمام علي السُّغُدي (٩) في شرح أدب القاضي للخصَّاف -رحمهم الله-: إذا شهد الفروع على شهادة الأصول، والأصول في المصر يجب أنْ تجوز على قولهما، وعلى قول أبي حنيفة - رحمه الله - لا تجوز بناءً، على أنَّ التوكيل بغير رضا الخصم لا تجوز، وعندهما يجوز.


(١) المسألة بتمامها في الهداية (٣/ ١٢٩ - ١٣٠): «ولا تقبل شهادة شهود الفرع إلا أن يموت شهود الأصل، أو يغيبوا مسيرة ثلاثة أيام فصاعدا، أو يمرضوا مرضا لا يستطيعون معه حضور مجلس الحاكم؛ لأن جوازها للحاجة، وإنما تمس عند عجز الأصل وبهذه الأشياء يتحقق العجز، وإنما اعتبرنا السفر؛ لأنَّ المعجز بُعد المسافة ومدة السفر بعيدة حكماً حتى أدير عليها عدة من الأحكام، فكذا سبيل هذا الحكم، وعن أبي يوسف/ أنَّه إن كان في مكان لو غدا لأداء الشهادة لا يستطيع أن يبيت في أهله صح الإشهاد إحياء لحقوق الناس، قالوا: الأول أحسن والثاني أرفق وبه أخذ الفقيه أبو الليث».
(٢) في «س»: [رضى الله عنه].
(٣) ينظر: العناية شرح الهداية (٧/ ٤٦٨)، الجوهرة النيرة (١/ ٨٥).
(٤) في «س»: [فكان].
(٥) ينظر: العناية شرح الهداية (٧/ ٤٦٨ - ٤٦٩).
(٦) الهداية (٣/ ١٣٠).
(٧) المحيط البرهاني (٨/ ٣٩٣).
(٨) سقط من: «ج».
(٩) علي بن الحسين بن محمد السغدي، القاضي، أبو الحسين، شيخ الإسلام-والسُّغد ناحية كثيرة المياه والأشجار من نواحي سمرقند-سكن بخارى، وكان إماماً، فاضلاً، فقيهاً، مناظراً، ولي القضاء، وتصدر للإفتاء، روى عنه شمس الأئمة السَّرخسي السير الكبير، من تصانيفه: «النتف في الفتاوي»، و «شرح السير الكبير»، توفي ببخارى سنة ٤٦١ هـ.
ينظر: الفوائد البهية (٤/ ٢٧٩)، الجواهر المضية (١/ ٣٦١)، الأعلام (٤/ ٢٧٩)، معجم المؤلفين (٧/ ٧٩).