للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر في الفوائد الظهيرية: ومعنى اشتراكهم في الضمان أن المشهود عليه بالخيار إن شاء ضمَّن الأصول، وإن شاء ضمَّن الفروع، وليس معناه أنَّه يقضي بالنصف على الأصول وبالنصف على الفروع؛ بل هذا كالغاصب مع غاصب الغاصب [فللمغصوب] (١) منه أن يضمَّن أيهما شاء (٢).

ثم ذكر في الذَّخيرة: «فإن ضمن الفروع، فالفروع لا يرجعون على الأصول، كما في باب الغصب، لو ضمَّن المالك الغاصب الثاني لا يرجع به على الغاصب الأول، وإن ضمَّن الأصول لا يرجعون على الفروع أيضاً، بخلاف ما لو ضمَّن المالك الغاصب [الأول] (٣)، حيث يرجع به على غاصب الغاصب.

وأبو حنيفة ومحمد -رحمهما الله- قالا: الأصول مسبِّبون للتلف من وجه، [والفروع] (٤) مباشرون للتَّلف من كل وجه» (٥).

«وقد عرف من أصلنا أن المباشر مع المسبِّب إذا اجتمعا وهما متعديان أنَّ الضمان على المباشر» (٦).

«فيظهر تحميل ما هو حجة» (٧)، أي: يظهر بالنقل التَّحميل، لأنَّه لولا التحميل لم يوجد النقل، والنقل إلى مجلس القاضي حجَّة (٨).

وذكر في الفوائد الظهيرية: فقولهم في هذا الموضع: «لأنَّ الشَّهادة لا تكون حجَّة إلا في مجلس القاضي، فلا يحصل العلم للفرع بقيام الحق بمجرد شهادة الأصل مزيف؛ لأنَّ الفرع لا يسعه الشَّهادة على الشَّهادة، وإن كان الأصل شهد بالحق عند القاضي في مجلسه فلابد له من طريق آخر، وهو أنَّ الشَّهادة على الشَّهادة لا تجوز إلا بالتَّحميل والتَّوكيل.

ووجه ذلك أن الأصل له منفعة في نقل الفرع شهادته من وجه، وهو أن الشَّهادة حق مستحق على الأصل تجب عليه إقامتها، ويأثم بكتمانها متى وجد الطلب ممن له/ الحق، كما لو كان عليه دين، ومن عليه الدَّين إذا تبرع إنسانٌ بقضائه عنه يجوز، وإن لم يكن بأمره.

فباعتبار هذا لا يُشترط الأمر لصحتها، غير أنَّ فيها مضرة من حيث أنَّها جهة في بطلان ولايته في تنفيذ قوله على المشهود عليه، وإبطال ولايته بدون أمره مضرة في حقه.

فباعتبار هذا يُشترط الأمر، وصار هذا كمن له ولاية في [إنكاح] (٩) الصغيرة إذا نكحها أجنبي بغير أمره لا يجوز؛ لما فيه من إبطال الولاية عليه» (١٠).


(١) في «ج»: [وللمغصوب].
(٢) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ١٨٩).
(٣) سقط من: «س».
(٤) في «ج»: [الفروع].
(٥) المحيط البرهاني (٨/ ٥٧٥).
(٦) المحيط البرهاني (٨/ ٥٧٥).
(٧) الهداية (٣/ ١٢٩).
(٨) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ١٨٩).
(٩) في «ج»: [نكاح].
(١٠) ينظر: العناية شرح الهداية (٧/ ٤٦٨)، وانظر: المحيط البرهاني (٨/ ٣٩٦).