للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فَيُحْتَاجُ هَاهُنَا إِلَى تَفْسِيْرِ الرَّهْنِ لُغَةً وَشَرِيْعَةً، وَسَبَبُهُ، وَرُكْنُهُ، وَشَرْطُ جَوَازِهِ، وَحُكْمُهُ، أَمَّا الْلُّغَةُ وَالشَّرِيْعَةُ فَقَدْ ذُكِرَتَا فِي الْكِتَابِ (١).

[سببُ الرَّهْن]

وَأَمَّا سَبَبُهُ: فَمُطَالَبَةُ رَبِّ الدَّيْنِ رَهْنَ الْمَدْيُوْنِ [عِنْدَ] (٢) {تَأْخِيْرِ} (٣) أَدَاءِ حَقِّهِ، وَقْتَ نَشَاطٍ يَنْبَعِثُ فِي الرَّاهِنِ عَلَى الرَّهْنِ (٤).

[رُكْنُ الرَّهن]

وَأَمَّا رُكْنُهُ: فَالْإِيْجَابُ، وَهُوَ قَوْلُ الرَّاهِنِ: رَهَنْتُكَ/ هَذَا الْمَالَ بِدَيْنٍ لَكَ عَلَيَّ (٥).

وَإِنَّمَا جَعَلْنَا الرُّكْنَ مُجَرَّدُ الْإِيْجَابِ مِنْ غَيْرِ قَبُوْلٍ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ عَقْدُ تَبَرُّعٍ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ [بِمَا] (٦) أَثْبَتَ لِلْمُرْتَهِنِ مِنْ الْيَدِ عَلَى الْمَرْهُوْنِ، [وَلَمْ] (٧) يَسْتَوْجِبْ بِإِزَاءِ ذَلِكَ شَيْئَاً عَلَى الْمُرْتَهِنِ، فَكَانَ تَبَرُّعًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَمَا هَذَا سَبِيْلُهُ لَا يَصِيْرُ لَازِمًا إِلَّا بِالتَّسْلِيْمِ كَالْهِبَةِ، [فَكَانَ] (٨) الرَّهْنُ مُجَرَّدَ الْإِيْجَابِ مِنْ غَيْرِ قَبُوْلٍ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ، وَالْحُكْمُ فِيْهِمَا كَذَلِكَ، حَتَّى قَالُوْا: لَوْ حَلَفَ لَا يَهَبُ أَوْ لَا يَتَصَدَّقُ، فَوَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ وَلَمْ يَقْبَلِ الْآخَرُ، حَنَثَ فِي يَمِيْنِهِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ [وَتَمْلِيْكٌ] (٩) وَتَمَلُّكٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، فَكَانَ الرُّكْنُ فِي الْبَيْعِ: اْلِإيْجَابَ وَالْقَبُوْلَ، وَلِهَذَا قَالُوْا: لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيْعُ وَلَمْ يَقْبَلْ الْمُشِتَرِيْ، لَا يَحْنَثُ فِي َيَمِيْنِهِ (١٠).


(١) الْكِتَاب: المراد به هنا "الهداية شرح البداية"، وذلك بقوله: (الرَّهْنُ لُغَةً: حَبْسُ الشَّيءِ بِأَيِّ سَبَبٍ كَانْ، وَفِي الشَّرِيْعَةِ: جَعْلُ الشَّيْءِ مَحْبُوْسَاً بِحَقٍّ يُمْكِنُ اسْتِيْفَاؤُهُ مِن الرَّهْنِ، كَالدِّيُوْنِ). يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٥٥).
(٢) في (أ): (عندنا).
(٣) سقطت من (أ).
(٤) يُنْظَر: البناية شرح الهداية (١٢/ ٤٦٥)، تكملة البحر الرائق (٨/ ٢٦٣).
(٥) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٠/ ١٣٦)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (١/ ٢٢٦)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (٢/ ٥٨٤).
(٦) في (ب): (إنما).
(٧) في (ب): (لم).
(٨) في (ب): (وكان).
(٩) في (أ): (تمليك).
(١٠) يُنْظَر: الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (١/ ٢٢٦).