للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِزَالَةُ الْحَقِيقِيِّ، كَمَا تَحْصُلُ بِالْمَاءِ، تَحْصُلُ بِالْخَلِّ، وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الدُّهْنُ، وَاللَّبَنُ، وَمَا لَا يَنْعَصِرُ بِالْعَصْرِ؛ لِأَنَّا قُلْنَا: مَائِعٌ طَاهِرٌ، يُزِيلُ النَّجَاسَةَ، بِأَصْلِهَا، وَاللَّبَنُ، وَالدُّهْنُ (١) مِمَّا لَا يَسْتَأْصِلُ النَّجَاسَةَ، بَلْ يَبْقَى أَثَرُ النَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَنْعَصِرُ/ بِالْعَصْرِ فَلَا يَتَحَقَّقُ يهما الْإِزَالَةُ.

[الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ سَقَطَ الْقِيَاسُ، فِي حَقِّ الْمَاءِ]

وأما قَوْلُهُ -رحمه الله-: (بِأَنَّ الْقِيَاسَ أَنْ لَا يَطْهُرَ بِالْمَاءِ؛ إِلَّا أَنَّهُ سَقَطَ اعْتِبَارُ الْقِيَاسِ فِي حَقِّ الْمَاءِ).

قُلْنَا: الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ سَقَطَ الْقِيَاسُ، فِي حَقِّ الْمَاءِ، ذَلِكَ الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْمَائِعَاتِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ؛ إِنَّمَا سَقَطَ حُكْمُ الْقِيَاسِ فِي الْمَاءِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ؛ يُزِيلُ عَيْنَ النَّجَاسَةِ، فَلَوْ تَنَجَّسَ الْمَاءُ، بِأَوَّلِ الْمُلَاقَاةِ، حَالَةِ الاسْتِعْمَالِ، لَمْ تُفِدِ (٢) الْإِزَالَةُ فَائِدَتَهَا؛ لِأَنَّهُ إِنْ زَالَ الْأَوْلَى خَلَفَهُ أُخْرَى، وَهِيَ نَجَاسَةُ الْمَاءِ، فَسَقَطَ اعْتِبَارُ الْقِيَاسِ، لِيُفِيدَ إِزَالَةُ الْمَاءِ فَائِدَتَهُ (٣)، فَكَذَا هُنَا سَقَطَ اعْتِبَارُ الْقِيَاسِ؛ لِيُفِيدَ إِزَالَةُ هَذِهِ الْمَائِعَاتِ فَائِدَتَهَا، هَذَا كَمَا أَنَّ مُحَمَّدًا أَسْقَطَ حُكْمَ الْقِيَاسِ، حَالَ وُرُودِ النَّجَاسَةِ عَلَى الْمَاءِ، بِأَنَّ غَسْلَ الثَّوْبِ النَّجِسِ، أَوِ الْعُضْوِ النَّجِسِ، فِي إِجَّانَةٍ (٤) وَإِنْ لَمْ يُصَبَّ الْمَاءُ عَلَيْهِ صَبًّا، لِيَفِيدَ إِزَالَةُ الْمَاءِ فَائِدَتَهُ، وَإِنْ كَانَتِ الضَّرُورَةُ تَنْدَفِعُ بِإِسْقَاطِ النَّجَاسَةِ؛ حَالَ وُرُودِ الْمَاءِ عَلَى النَّجَاسَةِ، وَذَلِكَ أَقْوَى فِي التَّطْهِيرِ؛ لِكَوْنِهِ فِي مَعْنَى الْمَاءِ الْجَارِي، فَكَذَلِكَ هَذَا، كَذَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ -رحمه الله- فِي … " مَبْسُوطِهِ " (٥).


(١) في (ب): (والدهن واللبن).
(٢) في (ب): (يفد).
(٣) في (ب): (فائدتها).
(٤) الإِجّانَةُ: والإِنْجانةُ والأَجّانةُ؛ الأَخيرة طَائِيَّةٌ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: المِرْكَنُ، وافصحُها إجّانةٌ وَاحِدَةُ الأَجاجينِ؛ وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ إِكَّانه؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا تَقُلْ إنْجانة. والمِئْجَنةُ: مِدقَّةُ القَصّارِ، وترْكُ الْهَمْزِ أَعلى لِقَوْلِهِمْ فِي جَمْعِهَا مَواجن؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: المِئْجَنةُ الخشبةُ الَّتِي يَدُقُّ بِهَا القصّارُ، والجمعُ مآجِنُ، واجَنَ الْقَصَّارُ الثوبَ أَي دَقَّه. والأُجْنةُ، بِالضَّمِّ: لُغَةٌ فِي الوُجْنةِ، وَهِيَ وَاحِدَةٌ الوُجَنات ينظر " لسان العرب لابن منظور " (١٣/ ٨).
(٥) ذكره مختصراً في "فوائد القُدُوري" (ص ١٣).