للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله (١) رحمه الله: البيع ينعقد بالإيجاب والقبول.

[[انعقاد البيع]]

والانعقاد عبارة عن انضمام كلام أحد العاقدين (٢) إلى الآخر على وجه يظهر أثره في المحل شرعاً.

والإيجاب عبارة عما يتقدم من أحد العاقدين (٣) من قولهما: بعت واشتريت.

والدليل عليه ما ذكره مطلقاً بعد هذا

[[معنى الايجاب]]

بقوله: وإذا أوجب أحد المتعاقدين البيع فإن الإيجاب ههنا هو الإثبات، لا أن يكون المراد منه إلزام حكم على وجه يأثم صاحبه عند (٤) تركه؛/ لأنه لا ولاية لأحدهما على الآخر، فبقوله: بعت يثبت كلام نفسه، أو يثبت الجواب على الآخر، إما بالرد أو بالقبول، وذلك؛ لأن الإيجاب فعل، والفعل صرف (٥) الممكن من الإمكان إلى الوجوب، أي: إلى التحقيق والثبوت، فإن قوله: بعت قبل أن يتكلم به البائع كان في حيز [الجواز، فلما قال: بعت فقد صرف من ذلك الحيز إلى الثبوت، فكان هو مثبتاً] (٦) لكلامه، أو كان مثبتاً الجواب على الآخر، فعلى الوجه الأول كان ينبغي أن يسمى القبول إيجاباً أيضاً (٧)، إلا أن المشتري لما قبل ما أوجبه البائع سمي قبولاً للتميز بين السابق واللاحق.

[[علة البيع]]

ثم اعلم أن عِليَّة البيع وما يضاهيه يتوقف على أربعة أشياء كما في الحسيات:

في اتخاذ السرير مثلاً:

• إلى النجار كالعاقد هنا.

• إلى الآلة كالفاس وهو مثل قولنا: بعت.

• وإلى النجر وهو مثل إخراج هذا القول على سبيل الإنشاء.

• وإلى المحل كالخشب، وهو مثل المبيع ههنا.

فلو اختل شيء من هذه الأربعة لا يتحقق فعل النجر في الحسيات، فكذلك في الشرعيات، لو اختل شيء من هذه الأربعة في عِليَّة البيع لم يبق علة.

[[صيغ البيع]]

قوله: إذا كان بلفظ الماضي وإنما أراد بهذا انعقاد البيع بدون النية، وأما إذا كان انعقاده باللفظ مع النية فيجوز انعقاده وإن كان بلفظ المستقبل (٨) أو أحدهما لفظ المستقبل، فيحمل حينئذ لفظ الاستقبال على الحال؛ فإنه ذكر في تحفة الفقهاء فقال: "أما ما يتحقق بلفظين فقد يكون بدون النية، وقد يكون مع النية، (أما) (٩) غير النية ففيما إذا كان اللفظان بصيغة الماضي، نحو أن يقول البائع: بعت منك هذا العبد بكذا، فقال المشتري: ابتعت إذ اشتريت، وكذا إذا بدأ المشتري فقال: اشتريت منك هذا العبد بكذا فقال البائع: بعته منك إذ أعطيته، أو نحو ذلك، وأما الذي لا ينعقد بدون النية (١٠) بأن يخبر عن نفسه في المستقبل، وهو أن يقول البائع: أبيع منك هذا العبد بألف، أو أبدله، أو أعطيكه، فقال المشتري: اشتريته بذلك، أو آخذه ونويا الإيجاب للحال، أو كان أحدهما بلفظ الماضي والآخر بلفظ المستقبل، مع نية الإيجاب للحال فإنه ينعقد؛ لأن صيغة الاستقبال يحتمل الحال فصحت النية، وأما إذا كان بلفظين يعبر بهما عن المستقبل، إما على سبيل الأمر، أو الخبر، بأحدهما من غير نية الحال فإنه لا ينعقد البيع عندنا، وذلك أن يقول البائع: اشتر مني هذا العبد بألف، فقال: اشتريت، أو قال البائع: أبيع منك هذا العبد بألف درهم، فقال المشتري: اشتريت" (١١).


(١) "قال " في (ب).
(٢) " المتعاقدين" في (ب).
(٣) "المتعاقدين" في (ب).
(٤) "عن"في (ب).
(٥) "حرف"في (ج).
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ب) وهي مثبتة في الهامش.
(٧) سقط من (ج)، وهي في هامشه.
(٨) في (ب) "الاستقبال".
(٩) سقط من (ب).
(١٠) "البينة" في (ج).
(١١) انظر: تحفة الفقهاء (٢/ ٣٠).