للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وتوهّم عجزه) أي: يحتمِل أنْ المكاتب يعجز عن أداء بَدَل الكتابة فيعود إلى الرِّقّ، فحينئذٍ يكون للمَولى ولاية المنع، فيمنع في الحال لوجود التوهُّم.

قوله: (لأنَّها عاجزة عن حقيقة القتال) فإنْ قيل: كيف تكون عاجزةً عنه مع أنَّه يصح أمانُها، والأمان إنَّما يصِحُّ ممَّن يُخاف عنه القتال لقدرته على القتال؟

قلنا: في لفظ الكتاب جوابٌ عن هذا، فإنَّها عاجزة عن حقيقة القتال، وليست بعاجِزة عن شبهة القتال بمالها وعَبيدها (١) والأمان ممَّا (٢) يثبت بالشُّبهة، فيثبت أمَّانها لذلك. وأمَّا استحقاق السَّهم من الغنيمة فمتوقِّف على القدرة على حقيقة القتال أصالةً، وهي عاجزة عنها، فلا تستحقُّ السَّهم لذلك.

(ولا يبلغ به السَّهم) أي: لا يبلغ برضْخه سَهْم المسلم.

وقوله: (السَّهمُ) بالرفع؛ لأنَّك تقول: بلغ بعطائك خمسُ مائة، برفع "خمس مائة" لا بالنصب؛ إذ لو نَصَبتَ خرجت من كلام العرب، والأصل أنَّ المفعول به المتعدَّى إليه بغير حرف فضلًا على سائر المفاعيل في إسناد الفعل إليه.

(والأوَّل ليس من عَمَله) أي: الدِّلالة ليست من عمل الجهاد، ولما كان كذلك كانت الدِّلالة عَمَلًا كسائر الأعمال، فيبلغ أَجره بالغًا ما بلغ.

[[تقسيم خمس الغنيمة]]

(يدخل فقراء ذوي القربى فيهم) أي: في هذه الأصناف الثلاثةومعنى هذا القول، أي: أيتام ذوي القربى يدخلون في سهم اليتامى، ومساكين ذوي القربى يدخلون في سهم المساكين، وأبناء السّبيل من ذوي القربى يدخلون في سهم ابن السبيل، وسبب الاستحقاق في هذه الأصناف الثَّلاثة الاحتياج؛ غير أنَّ سببَه مختلف في نفسه من اليتيم والمسكين وكونه ابن سبيل؛ كذا قال الإمام بدر الدّين الكردري (٣).

ثم هذه الثلاثة مصارف الخُمس على قولنا، لا على سبيل الاستحقاق، حتَّى لو صُرِف إلى صِنف واحدٍ منهم جاز، كما في الصدقات (٤)؛ كذا في التحفة.

(وقال الشَّافعي -رحمه الله-: لهم خُمس الخُمس).

وحاصله أنَّ الغنيمة إذا قُسمت أُفرز أولًا الخٌمس على ما قال الله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: ٤١].


(١) ينظر الهداية في شرح بداية المبتدي (٢/ ٣٩٠).
(٢) في (ب) "ممن".
(٣) هو محمد بن محمود بن عبد الكريم الكردري المعروف بخواهرزاده العلامة بدر الدين ابن أخت الشيخ شمس الدين محمد بن عبد الستار الكردري شمس الأئمة تفقه على خاله شمس الدين الكردري توفي في ذي القعدة سنة ٦٥١ هـ. ينظر الجواهر المضية في طبقات الحنفية (٢/ ١٣١).
(٤) ينظر تحفة الفقهاء (٣/ ٣٠٢ - ٣٠٣).