للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ عَلِيٌّ -رضي الله عنه- مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يَضَعَ الْمُصَلِّي يَمِينَهُ عَلَى شِمَالِهِ؛ تَحْتَ السُّرَّةِ فِي الصَّلَاةِ (١).

[صِفةُ وموضعُ وضعِ اليَدِ في الصَّلاةِ]

وامَّا صِفَةُ الْوَضْعِ؛ وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ؛ فَفِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ، لَفْظُ الْأَخْذِ وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ (٢) لَفْظُ الْوَضْعِ، وَاسْتَحْسَنَ كَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا، الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا، بِأَنْ يَضَعَ بَاطِنَ كَفِّهِ الْيُمْنَى، عَلَى ظَاهِرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى، وَيُحَلِّقُ بِالْخِنْصَرِ، وَالْإِبْهَامِ، عَلَى الرُّسْغِ؛ لِيَكُونَ عَامِلاً بِالْحَدِيثَيْنِ.

وامَّا مَوْضِعُ الْوَضْعِ؛ وَهُوَ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ؛ فَالْأَفْضَلُ عِنْدَنَا؛ تَحْتَ السُّرَّةِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ؛ الْأَفْضَلُ أَنْ يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى الصَّدْرِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (٣) قِيلَ الْمُرَادُ وَضْعُ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ، عَلَى النَّحْرِ؛ وَهُوَ الصَّدْرُ؛ وَلِأَنَّهُ مَوْضِعُ نُورِ الْإِيمَانِ، فَحِفْظُهُ بِيَدِهِ (٤) فِي الصَّلَاةِ أَوْلَى، مِنَ الْإِشَارَةِ إِلَى الْعَوْرَةِ؛ بِالْوَضْعِ تَحْتِ السُّرَّةِ (٥) وَلَنَا حَدِيثُ عَلِيٍّ -رضي الله عنه- كَمَا رَوَيْنَا وَالسُّنَّةُ إِذَا أُطْلِقَتْ؛ تَنْصَرِفُ فِي الْأَغْلَبِ؛ إِلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، ثُمَّ الْوَضْعُ تَحْتَ السُّرَّةِ؛ أَبْعَدُ عَنِ التَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ، واقْرَبُ إِلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ، فَكَانَ أَوْلَى.

وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَانْحَرْ} نَحْرُ الْأُضْحِيَةِ، بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ، وَلَئِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالنَّحْرِ الصَّدْرَ، فَمَعْنَاهُ ضَعْ بِالْقُرْبِ مِنَ النَّحْرِ، وَذَلِكَ تَحْتَ السُّرَّةِ، ثُمَّ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، الاعْتِمَادُ سُنَّةُ الْقِيَامِ، وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ -رحمه الله- أَنَّهُ سُنَّةُ الْقِرَاءَةِ (٦)، وَيَتَبَيَّنُ هَذَا فِي الْمُصَلَّى بَعْدَ التَّكْبِيرِ، وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ، فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُرْسِلُ يَدَيْهِ فِي حَالَةِ الثَّنَاءِ؛ فَإِذَا أَخَذَ فِي الْقِرَاءَةِ اعْتَمَدَ، وَ (٧) فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا يَكُفُّ يَدَيْهِ بَعْدَ التَّكْبِيرِ يَعْتَمِدُ (٨) (٩).


(١) روي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: " السنة - أو من سنة الصلاة - وضع الكف على الكف في الصلاة تحت السرة - أو تحت السرر - " أخرجه أبو داود (٧٥٦) وغيره، وسنده ضعيف، لضعف عبدالرحمن بن إسحاق الواسطي أبي شيبة، وشيخه زياد بن زيد السوائي مجهول، وقد نقل النووي الاتفاق على تضعيف هذا الحديث، كما في " المجموع شرح المهذب؛ للنووي " (٣/ ٣١٣) و " شرح مسلم " (٤/ ١١٥) وغيرهما.
(٢) (عَلِيٍّ) ساقطة من (ب).
(٣) سورة الكوثر: (٢).
(٤) (بِيَدِهِ) ساقطة من (ب).
(٥) انظر: "المبسوط للسرخسي" (١/ ٢٤).
(٦) انظر " بدائع الصنائع للكاساني " (١/ ٢٠١).
(٧) (وَ) ساقطة من (ب).
(٨) (يَعْتَمِدُ) ساقطة من (ب).
(٩) "المبسوط" للسرخسي (١/ ٢٣ - ٢٤).