للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب الولد من أحق به]

هذه فصول وأبواب متلاصقة بعضها ببعض، نسبة فإنّه لما ذكر ثبوت النّسب من المنكوحات والمعتدّات، احتاج إلى ذكر ثبوت من يكون عنده ذلك الولد الذي ثبت نسبه من الزّوج، ثم ذكر فصل من لو غاب بالولد من عنده، ثم ذكر نفقة والدة ذلك الولد؛ لأنّها أصله، ثم ذكر ما تحتاج هي إليه من السكنى، وغيرها ثم ذكر أنواع من يجب عليه النّفقة والسكنى من الزّوجات، ثم ذكر نفقة ذلك الولد؛ لأنّها فرعها فذكر الفرع مؤخّر عن ذكر الأصل، ثم لما وقع في ذكر النفقات ذكر من يجب عليه نفقته من ذوي الارحام والمماليك.

اعلم بأنّ الصغار لما بهم من العجز عن النظر لأنفسهم، والقيام بحوائجهم، جعل الشّرع الولاية إلى من هو مشفق عليهم، فجعل حقّ التصرف إلى الإباء لقوة رأيهم مع الشفقة، والتصرّف يستدعي قوة الرأي، وجعل حقّ الحضانة إلى الأمهات لرفقهن في ذلك مع الشفقة وقدرتهنّ على ذلك بلزوم البيوت، والظّاهر أنّ الأم أحيى وأشفق على الولد من الأب فتتحمل من المشقة في ذلك ما لا يتحمله الأب.

وفي تفويض ذلك إليها زيادة منفعة للولد.

والأصل فيه حديث عمرو بن شعيب (١) عن أبيه عن جدّه، أن امرأة جاءت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: «أنّ ولدي هذا قد كان له بطني وعاءً … » الحديث (٢).

ولما خاصم عمر -رضي الله عنه- أمّ عاصم (٣) بين يدي أبي بكر -رضي الله عنه- لينتزع العاصم [٣٨٦/ أ] منها قال له أبو بكر: ريحها خير له من سمن وعسل عندك يا عمر، فدّعه عندها حتّى يشبّ، وفي رواية فَرِيحُ لفاعها خير له من سمن وعسل عندك (٤)، كذا في «المبسوط» (٥).


(١) أَبُو إِبْرَاهِيم: عَمْرو بن شُعَيْب بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ الْقرشِي السَّهْمِي العامري. روى عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو كناه عَليّ بن الْمَدِينِيّ، وَعَمْرو بن عَليّ. ينظر: سير أعلام النبلاء (١٧/ ٥٥٤)، فتح الباب في الكنى والألقاب (ص: ٣٦)، مختصر تاريخ دمشق (١٩/ ٢٢٣).
(٢) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الطلاق، باب من أحق بالولد (٢٢٧٦)، وأخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب الطلاق (٢٨٣٠)، وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد" (٢/ ٢٢٥).
(٣) جميلة بنت ثابت بن أبي الأقلح الأنصارية أخت عاصم بن ثابت، امرأة عمر بن الخطاب، تكنى أم عاصم بابنها عاصم بن عمر بن الخطاب، أسلمت اسمها عاصية فسماها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جميلة. ينظر: أسد الغابة (٧/ ٥٣)، مختصر تاريخ دمشق (١٢/ ١٢٠).
(٤) أخرجه سعيد بن منصور في سننه، كتاب الطلاق، باب الغلام بين الأبوين أيهما أحق به (٢/ ١٣٩)، ابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب الطلاق، باب ما قالوا في الرجل يطلق امرأته ولها ولد صغير (١٩١١٤).
(٥) المبسوط للسرخسي (٥/ ٢٠٧).