للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه ضربان من التأكيد:

أحدهما: أن الإبدال تثنية للمراد وتكرير له.

والثاني: أن الإيضاح بعد الإبهام، والتفصيل بعد الإجمال إيراد له في صورتين مختلفتين.

ومنها: قوله تعالى: {وَمَنْ كَفَرَ} مكان قوله (ومن لم يحج) تغليظًا على تارك الحجّ، ولذلك قال -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ فَلْيَمُتْ إن شَاءَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّ» (١).

ومنها: ذكر الاستغناء عنه، وذلك مما يدل على المقت والسخط والخذلان، ومنها قوله: {وَمَنْ كَفَرَ … فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} (٢)، ولم يقل عنه، وفيه من الدلالة على الاستغناء عنه ببرهان؛ لأنه إذا استغنى عن العالمين تناوله الاستغناء لا محالة، ولأنه يدل على الاستغناء الكامل، فكان أدل على عظم السخط.

[دليل الحج من السنة]

وأما السنة: فهي ما ذكرنا في (٣) الحديث وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» (٤) فمنها الحجّ والإجماع (٥) منعقد على فرضيته من [غير] (٦) نكير (٧).


(١) أخرجه الدارمي في "سننه" باب: [من مات ولم يحج] (٢/ ١١٢٢) برقم: [١٨٢٦]، وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة" باب: [ذِكْرُ التَّشْدِيدِ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْحَجِّ وَالْوَاجِبِ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ] (١/ ٣٨٠) برقم: [٨٠١]، وأخرجه الروياني في "مسنده" باب: [عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَابِطٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ] (٢/ ٣٠١) برقم: [١٢٤٦]، وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" باب: [إمكان الحج] (٤/ ٥٤٦) برقم: [٨٦٦١]، وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٣/ ٣٠٥) برقم: [١٤٤٥٠]. وضعفه الألباني مرفوعًا، وحسنه موقوفًا من كلام عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (١٠/ ١٦٥ - ١٦٦).
(٢) سورة آل عمران من الآية (٩٧).
(٣) في (ج): من.
(٤) متفق عليه: أخرجه البخاري في "صحيحه" باب: [قول النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ] (١/ ١١) برقم: [٨]، و أخرجه مسلم في "صحيحه" باب: [قول النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ] (١/ ٤٥) برقم: [١٦] واللفظ لمسلم.
(٥) قلت: ونقل جماعة من الأئمة الإجماع على فرضية الحجّ.
انظر: البدائع (٢/ ١١٨)؛ مواهب الجليل (٢/ ٤٦٦)؛ الاختيار (١/ ١٨١)، تحفة الفقهاء (١/ ٥٧٧)، البحر العميق (١/ ٣٥٥)؛ المجموع (٧/ ٩)؛ المفهم (٢/ ٢٥٦)،. وقال ابن حجر في الفتح (٣/ ٣٧٨): «وجوب الحجّ معلوم من الدين بالضرورة».
(٦) أثبته من (ب، ج).
(٧) وهي من الإنكار: أي الجحود والمخادعة والمراوغة والجهالة.
انظر: تاج العروس، (١٤/ ٢٩١).