للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[ذكر أوصاف المغصوب ليس شرطا في الدعوى]]

وأما الثاني: فقد ذكر في «المبسوط» (١) و «الذخيرة» (٢) ما (٣) يدل على أن ذِكْر أوصاف المغصوب في الدعوى ليس بشرط، بخلاف سائر الدعاوى فقال في «الذخيرة» (٤): والمعنى ما (قال محمد- رحمه الله- في الأصل (٥): إذا ادّعى رجل على رجل أنه غصب منه جارية له، وأقام على ذلك بينة؛ يُحبس المُدَّعَى عليه حتى يجيء بها ويردُّها على صاحبها؛ قال شمس الأئمة الحلواني- رحمه الله- (٦): ينبغي أن تُحفظ هذه المسألة؛ لأنه قال (٧): أقام بينةً أنه غصب جاريةً له، ولم يُبين جنسها وصفتها وقيمتها، فمن المشايخ (٨) من قال: تأويل المسألة أنه ذكر الجنس والصفة والقيمة) وقد ذكرنا هذه المسألة من «المبسوط» (٩) مرة، فإنه ذكر في «المبسوط» (١٠) بعدما ذكر صورة المسألة هكذا فقال: (وكان أبو بكر الأعمش- رحمه الله- يقول (١١): تأويل هذه المسألة أن الشهود شهدوا على إقرار الغاصب بذلك؛ لأن الثابت من إقراره بالبينة كالثابت بالمعاينة، فأمّا الشهادة على فعل الغصب فلا تُقبل مع جهالة المغصوب؛ لأن المقصود إثبات الملك للمُدّعي في المغصوب، ولا يتمكن القاضي من القضاء بالمجهول، فلابدَّ من الإشارة إلى ما هو المقصود بالدعوى في الشهادة، ثم قال: ولكنَّ الأصح أن هذه الدعوى والشهادة صحيحة لأجل الضرورة، فإن الغاصب يكون مُمتنعًا من إحضار المغصوب عادة، وحين يَغْصب إنما يتأتَّى من الشهود معاينة فعل الغصب دون العلم بأوصاف المغصوب، فسقط اعتبار علمهم بالأوصاف؛ لأجل التعذّر، وثبت بشهادتهم [فِعْل الغصب] (١٢) في محل هو مال متقوّم، فصار ثُبُوت ذلك بالبينة كثبوته بإقراره فيُحْبس حتى يجيء به، ولأن وجوب الرد على الغاصب ثابت بنفس الفعل، وهذا معلوم من شهادتهم، فيتمكَّن القاضي من القضاء به)، وهكذا في «الذخيرة» (١٣) أيضًا.


(١) انظر: للسرخسي (١١/ ٦٦).
(٢) المحيط البرهاني (٥/ ٤٩٢).
(٣) سقطت في (أ).
(٤) المحيط البرهاني (٥/ ٤٩٢).
(٥) انظر: الأصل للشيباني (١٢/ ١٢٣)، المحيط البرهاني (٥/ ٤٩٢).
(٦) انظر: المحيط البرهاني (٥/ ٤٩٢)، العناية شرح الهداية (٩/ ٣٤٧).
(٧) سقطت في (أ).
(٨) انظر: البناية شرح الهداية (١١/ ٢٣٦)، البحر الرائق وتكملة الطوري (٧/ ١٩٧).
(٩) للسرخسي (١١/ ٦٦).
(١٠) للسرخسي (١١/ ٦٦).
(١١) انظر: المحيط البرهاني (٥/ ٤٩٢)، العناية شرح الهداية (٩/ ٣٤٧).
(١٢) في (ع): (جَعَل الغاصب) وما أثبت هو الصحيح. انظر: العناية شرح الهداية (٩/ ٣٤٧).
(١٣) انظر: المحيط البرهاني (٥/ ٤٩٢)، البناية شرح الهداية (١١/ ٢٣٦).