للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ -رحمه الله-: الاسْتِنْجَاءُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، أَوْ بِحَجَرٍ لَهُ ثَلَاثَةُ أَحْرُفٍ فرض؛ حَتَّى لَوْ تَرَكَهُ لَمْ يُجْزِيهِ (١) صَلَاتُهُ، وَإِنْ حَصَلَتْ التَّنْقِيَةُ بِالْوَاحِدَةِ (٢)، كَذَا فِي مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ (٣).

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ) (٤).

قَالَ الْأُسْتَاذُ مَوْلَانَا فَخْرُ الدِّينِ (٥) -رحمه الله- فِي التَّمَسُّكِ بِالْحَدِيثِ: الشَّارِعُ نَفَى الْحَرَجَ عَنْ تَارِكِ الاسْتِنْجَاءِ، دَلَّ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَدَلَّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ تَرْكَ الْإِيتَارِ (٦) لَا يَضُرُّ (٧)، لِأَنَّ تَرْكَ (٨) أَصْلِهِ لَمَّا لَمْ (٩) يَكُنْ مَانِعًا، فَمَا ظَنُّكَ فِي تَرْكِ وَصْفِهِ، فَدَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى انْتِفَاءِ الْمَجْمُوعِ.

[الْأَفْضَلُ فِي إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ]

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (وَغَسْلُهُ بِالْمَاءِ أَفْضَلُ)

نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي أَهْلِ قِبَاءِ (١٠)، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «بِمَاذَا أَثْنَى اللَّهُ عَلَيْكُمْ؟» فَقَالُوا: لِأَنَّا نُتْبِعُ الْحِجَارَةَ بِالْمَاءِ (١١).


(١) في (ب): (يجز) والأقرب أنها بالتاء.
(٢) في (ب): (بالواحد)
(٣) نقل هذا الكلام في "بدائع الصنائع للكاساني" (١/ ١٩)، و" تبيين الحقائق للزيلعي " (١/ ٧٧).
(٤) يقول صاحب الهداية: (وقال الشافعي -رحمه الله-: لا بد من الثلاث لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «وليستنج بثلاثة أحجار». ولنا قوله -صلى الله عليه وسلم- «من استجمر فليوتر، فمن فعل فحسن ومن لا فلا حرج». ينظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني" (١/ ٣٩).
(٥) فخر الدين: هو لقب للعلامة الحسن بن منصور بن محمود، البخاري، الحنفي، العلامة، شيخ الحنفية، قاضي خان الأوزجندي وقد سبقت ترجمته في (ص: ٢٣).
(٦) في (ب): (الاثنان). والصواب ما أثبت، انظر " الْعِنَايَة شرح الهداية للبابرتي " (١/ ٢١٤).
(٧) في (ب): (يضره).
(٨) في (ب): (تركه).
(٩) في (ب): (ما لم).
(١٠) قباء - اليوم - هي بلدة عامرة تطيف بذلك المسجد، كثيرة البساتين والسكان، وتكاد تتصل بالمدينة عمرانياً، بل اتصلت المدينة بها، مسجدها جنوب المسجد النبوي بستة أكيال، وهي واقعة في حرة تسمى حرة قباء، وهي الجزء الشرقي من حرة الوبرة.
(١١) يشير إلي حديث أبي هريرة وأبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنهما-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: " نزلت هذه الآية في أهل قباء: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: ١٠٨] قال: " كانوا يستنجون بالماء، فنزلت فيهم هذه الآية ".
أما حديث أبي هريرة فأخرجه أبو داود في "سننه" (ص ٢٩) في كتاب "الطهارة" باب "في الاستنجاء بالماء" حديث رقم (٤٤)، والترمذي في "سننه" (٥/ ٢٨٠) كتاب "تفسير القرآن " باب "سورة التوبة" حديث رقم (٣١٠٠). وسكت عنه أبو داود وقال في "رسالته لأهل مكة "ص (٢٨): (ما سكتت عنه فهو صالح)، و قال يحيى بن معين ضعيف لا شيء وقال أبو حاتم ليس بالقوي وذكره ابن حبان في الثقات. ينظر: تهذيب التهذيب، ابن حجر العسقلاني (١١/ ٣٨٤)، وقال بن حجر: ضعيف. انظر: " تقريب التهذيب" ص (٦١٣).
وفيه أيضا: إبراهيم بن أبي ميمونة، قال بن حجر: مجهول الحال. "تقريب التهذيب" ص (٩٤).
ويشهد له حديث أبي أيوب فأخرجه "البيهقي في الكبرى" (١/ ١٠٥) في كتاب "الطهارة" باب "الجمع في الاستنجاء بين المسح بالأحجار والغسل بالماء"، الحاكم في "المستدرك" (١/ ٢٩٩) كتاب "الطهارة" حديث رقم (٦٧٣). قال بن حجر في المطالب العالية (١٤/ ٦٨٩): فيه أبو سورة؛ ضعيف. وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد" (١/ ٥٠٠): فيه واصل بن السائب؛ وهو ضعيف.