للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[رَوْثُ وَبَوْلُ غَيْرُ مَأْكُولِ اللَّحْمِ]

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (وَزُفَرُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا) (١)

فَإِنَّ زُفَرَ -رحمه الله- قَاسَ الْخَارِجَ مِنْ أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ بِالْخَارِجِ مِنَ السَّبِيلِ الْآخَرِ (٢)، وَالْخَارِجُ مِنَ السَّبِيلِ الْآخَرِ وَهُوَ الْبَوْلُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ كَوْنِهِ مَأْكُولَ اللَّحْمِ، وَغَيْرَ مَأْكُولِ اللَّحْمِ، فَكَذَا الْخَارِجُ مِنْ هَذَا السَّبِيلِ [كَذَا] (٣) فِي "الفوائد الظهيرية " (٤).

[[حكم لحم الفرس وبوله وروثه]]

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (وأما عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- التَّخْفِيفُ لِتَعَارُضِ الْآثَارِ)

فَإِنْ قِيلَ: تَعَارُضُ الْآثَارِ؛ إِنَّمَا كَانَ فِي بَوْلِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ؛ وَهُوَ حَدِيثُ الْعُرَنِيِّينَ، مَعَ … قَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم-: «اسْتَنْزِهُوا الْبَوْلَ» حَتَّى لَمْ يَثْبُتِ التَّخْفِيفُ فِي بَوْلِ الْحِمَارِ، لِانْعِدَامِ التَّعَارُضِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ بَوْلٌ غَيْرَ مَأْكُولِ (٥) اللَّحْمِ. ثُمَّ (٦) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- لَا يُؤْكَلُ لَحْمُ الفرس (٧)، لِمَا أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْكَرَاهَةِ (٨) كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ، فَكَيْفَ يَتَحَقَّقُ عِنْدَهُ تَعَارُضُ الْآثَارِ فِيهِ؟.


(١) يقول صاحب الهداية: (ولا فرق بين مأكول اللحم وغير مأكول اللحم. وزفر -رحمه الله- فرق بينما فوافق أبا حنيفة -رحمه الله- في غير مأكول اللحم ووافقهما في المأكول). ينظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني" (١/ ٣٨).
(٢) ينظر: "المحيط البرهاني لإبن مازة " (١/ ٥٨).
(٣) كذا في (ب) وفي (أ): (كمذي). وما أثبت أصح.
(٤) جاء في العناية بدون أن ينسب إلي الفوائد الظهيرية. ينظر: " الْعِنَايَة شرح الهداية للبابرتي " (١/ ٢٠٦).
(٥) في (ب): (يؤكل).
(٦) في (ب): (و). مسألة: بول وروث غير مأكول اللحم، اختلف العلماء في حكم طهارتها، فمذهب الأئمة الأربعة أنها نجسة وذهب داوود الظاهري والشعبي والبخاري إلى القول بطهارتها والراجح والله اعلم هو مذهب القائلين بنجاستها.
انظر: في المذهب الحنفي "فتح القدير، لإبن الهمام الحنفي" ": (١/ ٢٠٢) و "البحر الرائق؛ لإبن نجيم المصري ومعه تكملته للقادري": (١/ ٢٤١)، وفي المذهب المالكي: "القوانين الفقهية للكلبي": (ص ٢٧) و"شرح مختصر خليل للجندي": (١/ ٩٤) وفي المذهب الشافعي: "الحاوي الكبير، للماوردي ": (٢/ ٢٤٩) و"المجموع شرح المهذب للنووي": (٢/ ٥٤٨) وفي المذهب الحنبلي: "المغني لابن قدامة ": (٢/ ٦٤) و"الإنصاف؛ للمرداوي ": (١/ ٣٤٠).
(٧) ينظر: الآثار لمحمد بن حسن الشيباني (٢/ ٦٩٠)، و"الهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني" (٤/ ٣٥٢)، و"المحيط البرهاني لإبن مازة " (٧/ ٥٩٨)، و" اللباب في الجمع بين السنة والكتاب" للخزرجي (٢/ ٦٢٢).
مسألة: (أما لحم الخيل فهو مباح عند أكثر علماء المسلمين، وهو مذهب الشافعي واحمد بن حنبل وطائفة من أصحاب أبي حنيفة -كأبي يوسف ومحمد صاحبَيْ أبي حنيفة-، وهو مذهب الثوري وابن المبارك وإسحاق بن راهويه وأبي ثور وابن المنذر، وهو قول ابن عمر وابن الزبير وغيرهما من العبادلة). انظر "جامع المسائل لابن تيمية (٤/ ٣٤٣).
(٨) الْكَرَاهَةِ: بفتح الكاف مصدر كره، البغض وعدم الرضا. وشرعا ما كان تركه أولى من فعله، انظر " معجم لغة =الفقهاء، لمحمد رواس قلعجي" (ص: ٣٧٩).