للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والرغباء (١) إليك، لبيكَ من عبدٍ آبق (٢) لبيك. كذا ذكره صاحب «الأسرار» (٣)، والمحبوبي (٤).

[التشهد تلي التلبية مباشرة]

وأما الجواب عن التشهدِ فإنه روي في تعليم التشهد زيادة تأكيد، قال ابن مسعود - رضي الله عنه - «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ» (٥)، ولأن شرعية التلبية على سبيلِ الشِعار (٦)، والزيادة عليه مقرونًا بالتلبية لا يفوت معنى الشعار، فلا يكره بخلاف التشهد، فإنا نكره الزيادة بعدما أدّى حق النظم المنقول؛ لأن فيه إخلالًا بنظم الصلاة كما يُكره تكرار التشهد حتى إذا كان في آخر الصلاة لا يُكره الزيادة؛ لأنه فرغ من أفعال الصلاة، وكذلك في الأذان؛ لأنه للإعلام، وقد صار معروفًا بهذه الكلمات، فلا يبقى إعلامًا بغيرها، وليس في المسألة كثير خلاف فإنه جعل المنقول أفضل؛ لأنه أبلغ في الشِعار، ونحن لا ننكر هذا كذا في «الأسرار» (٧) وغيره.

(ولا يَصِيرُ شَارِعًا) إلى قوله (ما لَمْ يأتِ بالتَّلْبِيةِ (٨).


(١) رغب: رغبت في الشئ، إذا أردتَه، رغبةً ورَغَباً بالتحريك. وارْتَغَبْتُ فيه مثله. ورغبت عن الشيء، إذا لم تُرِدْهُ وزَهِدت فيه. وأرغبني في الشيء ورغبني فيه، بمعنىً. ورجلٌ رغبوب من الرَغْبَةِ. والرغيبة: العطاء الكثير.
انظر: الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، (١/ ١٣٧) والمقصود بها العودة والرجوع الى الله.
(٢) أبق: أَبَقَ العبدُ يَأْبِقُ ويأْبُقُ إباقاً، أي هرب. وتَأَبَّقَ: استتر، ويقال احتبس. ومنه قول الأعشى:
ولكنْ أَتاهُ الموتُ لا يَتَأَبَّقُ وقال آخر: ألا قالت بهان ولم تأبق .. كبرت ولا يليق بك النعيم.
انظر: الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، (١/ ٦٧).
(٣) انظر: الأسرار (ص ١٥٤).
(٤) نقلاً عن البحر العميق (٢/ ٦٦٥).
(٥) أخرجه مسلم في "صحيحه" باب: [التَّشهُّدِ فِي الصَّلَاةِ] (١/ ٣٠٢) برقم: [٤٠٣].
(٦) الشَعائِرُ: أعمالُ الحجِّ. وكلُّ ما جُعل عَلَماً لطاعة الله تعالى. قال الأصمعي: الواحدة شَعيرةٌ. قال: وقال بعضهم: شِعارَةٌ. والمَشاعِرُ: مواضع المناسك. والمَشْعَرُ الحرام: أحد المَشاعِرِ. وكسر الميم لغة.
انظر: الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، (٢/ ٦٨٢)، والاشعار هنا بمعنى الإخبار والإعلام.
(٧) الأسرار (ص ١٥٥).
(٨) انظر: بداية المبتدي (١/ ٤٣). قلت: وقد اختلف الفقهاء في حكم التلبية في الحج، فعند أبي حنيفة: أنها ركن في الإحرام لاينعقد بدونها كالتكبير للصلاة، وعند مالك: أنها واجبة، يجب بتركها دم، وعند الشافعي و أحمد: سنة لايجب بتركها شيء.
راجع الأقوال في: تحفة الفقهاء (١/ ٤٠٠)، المدونة (١/ ٢٩٥)، المجموع (٧/ ٢٠٢)، الشرح الكبير (٨/ ٢١٠).