للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[رفع اليدين في الدعاء]]

والاستسقاء ليس من تلك المواضع السبعة، عُلم أن رفع الأيدي في غير تلك المواضع جائز، ثم وجه ما ذكر في الحديث على وجه الانحصار، أي: لا يرفع الأيدي على وجه السنن الأصلية التي هي سنة الهدي إلا في هذه المواضع، وأما في سائر المواضع إنما يرفع (١) في الدعاء على أنه من الآداب والاستحباب والاتباع بالآثار لا على سنة الهدي، وأما وجه الاستدلال على حرمة رفع اليد عند الركوع لما أنه لما لم يكن ذلك من المواضع السبعة كان رفع اليد من الزوائد، والصلاة مظنة لنفي ما هو من الزوائد؛ لأن بناءها على السكينة والوقار خصوصًا ما إذا دل الدليل على حرمة الرفع هناك على ما ذكرناه مشبعًا في باب صفة الصلاة (٢).

وفي «المبسوط» (٣): وعن محمد ابن الحنفية رحمه الله (٤) قال: الدعاة أربعة: دعاء رغبة، ودعاء رهبة، ودعاء تضرع، ودعاء خفية. ففي دعاء الرغبة يجعل بطون كفيه نحو السماء. وفي دعاء الرهبة يجعل ظهر كفيه إلى وجهه كالمستغيث من الشيء. وفي دعاء التضرع يعقد الخنصر والبنصر ويحلق بالإبهام والوسطى، ويشير بالسبابة.

وفي دعاء الخفية ما يفعله المرء في نفسه؛ وعلى هذا قال أبو يوسف في «الإملاء»:/ يستقبل بباطن كفيه القبلة عند افتتاح الصلاة، واستلام الحجر، وقنوت الوتر، وتكبيرات العيد، ويستقبل بباطن كفيه السماء عند رفع الأيدي على الصفا والمروة بعرفات وبجمع وعند الجمرتين؛ لأنه يدعوا في هذه المواقف بدعاء الرغبة (٥).

ولا يقنت في صلاة غيرها خلافًا للشافعي في الفجر. وقال الشافعي رحمه الله: يقنت في صلاة الفجر في الركعة الثانية بعد الركوع (٦)، واستدل بحديث أنس كان النبي عليه السلام يقنت في صلاة الفجر إلى أن فارق الدنيا (٧)، ولنا حديث ابن مسعود رضي الله عنه، أن النبي عليه السلام قنت في صلاة الفجر شهرًا يدعو على حي من أحياء العرب، ثم تركه (٨).


(١) في (ب): زيادة الأيدي
(٢) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٣٠٩.
(٣) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي: ١/ ٣٠٢.
(٤) هو: محمد بن علي بن أبي طالب، أبو القاسم، المعروف بابن الحنفية، أحد الأبطال الأشداء في صدر الإسلام. وهو أخو الحسن والحسين من الأب. أمه خولة بنت جعفر من بني حنيفة. كان واسع العلم، ورعا. وهو من كبار التابعين دخل على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وسمع عثمان وأباه رضي الله عنهما. روى عنه بنوه الحسن وعبد الله وإبراهيم وعون وجماعات من التابعين.
(الطبقات الكبرى: ٥/ ٦٦)، و (ثقات ابن حبان: ٥/ ٣٤٧)، (الأعلام للزركلي: ٦/ ٢٧٠).
(٥) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي: ١/ ٣٠٢.
(٦) ينظر: الأم للشافعي ١/ ١٦٨، الحاوي الكبير ٢/ ١٥٤.
(٧) رواه الطبري في تهذيب الآثار (١/ ٣٦٦).
(٨) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (٧٠٦٠ - ٢/ ٣١٠).