للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة]]

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (وَيَعْتَمِدُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى) (١).

فِي الدِّيوَانِ اعْتَمَدَهُ؛ أَيْ: قَصَدَ لَهُ الْبَاءَ زَائِدَةً هُنَا فِي الْمَفْعُولِ؛ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:

{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}} (٢) أَيْ: وَيَقْصِدُ؛ وَضْعَ يَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى.

قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ -رحمه الله-: يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ؛ بِأَنَّ فِي الاعْتِمَادِ أَرْبَعَ مَسَائِلَ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ هَلْ يَضَعُ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ أَمْ لَا؟

وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ كَيْفَ يَضَعُ؟

وَالثَّالِثَةُ: أَنَّهُ أَيْنَ يَضَعُ؟

وَالرَّابِعَةُ: أَنَّهُ مَتَى يَضَعُ؟

أَمَّا الْأُولَى: فَعَلَى قَوْلِ عُلَمَائِنَا؛ السُّنَّة أَنْ يَعْتَمِدَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى.

وَقَالَ مَالِكٌ (٣) بِأَنَّهُ يُرْسِلُ إِرْسَالاً، وَإِنْ شَاءَ اعْتَمَدَ، فَالْإِرْسَالُ عِنْدَ مَالِكٍ عَزِيمَةٌ وَالاعْتِمَادُ رُخْصَةٌ.

وَفِي " الْمَبْسُوطِ ": (وأصْلُ الاعْتِمَادِ سُنَّةٌ، إِلَّا عَلَى قَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ (٤)؛ فَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ: يِتَخْيِرِ الْمُصَلِّي بَيْنَ الاعْتِمَادِ وَالْإِرْسَالِ، وَكَانَ يَقُولُ: إِنَّمَا أُمِرُوا بِالاعْتِمَادِ؛ إِشْفَاقاً عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُطَوِّلُونَ الْقِيَامَ؛ فَكَانَ يَنْزِلُ الدَّمُ (٥) إِلَى رُؤُوسِ أَنَامِلِهِمْ، إِذَا أَرْسَلُوا فَقِيلَ لَهُمْ؛ لَوِ أعْتَمَدْتُمْ، لَا حَرَجَ عَلَيْكُمْ، وَالْمَذْهَبُ (٦) عِنْدَ عُلَمَائِنَا؛ أَنَّهُ سُنَّةٌ، وَاظَبَ عَلَيْهِ (٧) رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَقَالَ: «إِنَّا مَعَاشِرُ الْأَنْبِيَاءِ أُمِرْنَا بِأَنْ نَأْخُذَ شَمَائِلَنَا بِأَيْمَانِنَا فِي الصَّلَاةِ» (٨).


(١) في متن البداية زيادة: (تحت السرة) "الهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني" (١/ ٤٩)
(٢) سورة البقرة: (١٩٥).
(٣) سئل مالك عن وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى في الصلاة أترفع إلى الصدر أم توضع دون ذلك؟ فقال: (ليس فيه حد). ينظر: "البيان والتحصيل" لابن رشد (١٨/ ٧١).
(٤) الأوزاعي: هو أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد الأوزاعي إمام أهل الشام؛ لم يكن بالشام أعلم منه، قيل إنه أجاب في سبعين ألف مسألة، وكان يسكن بيروت، سمع من الزهري وعطاء وروى عنه الثوري واخذ عنه عبد الله بن المبارك وجماعة كبيرة. وكانت ولادته ببعلبك سنة ٨٨ هـ، ومنشؤه بالبقاع، وتوفي سنة ١٥٧ هـ يوم الأحد لليلتين بقيتا من صفر، وقيل في شهر ربيع الأول بمدينة بيروت -رحمه الله-. انظر: "وفيات الأعيان لابن خلكان" (٣/ ١٢٧)، "سير أعلام النبلاء للذهبي" (٧/ ١٠٧).
(٥) (الدَّمُ) ساقطة من (ب).
(٦) (وَالْمَذْهَبُ) ساقطة من (ب).
(٧) ساقطة من (ب).
(٨) أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (٤/ ٣٧٧)، حديث رقم (٢٧٧٦)، وأخرجه أحمد في" فضائل الصحابة" (٢/ ٦٢٤)، حديث (١٠٦٨)، وأخرجه بن حبان في "صحيحه" (٥/ ٦٧)، حديث (١٧٧٠)، وأخرجه الطبراني في"المعجم الأوسط" (٢/ ٢٤٧)، حديث (١٨٨٤)، و (٤/ ٢٩٧)، حديث (٤٢٤٩)، وأخرجه الدارقطني في "سننه" (٢/ ٣١)، كتاب الصلاة، باب في أخذ الشمال باليمين في الصلاة، حديث (١٠٩٦) و (١٠٩٧)، وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٤/ ٢٣٨)، كتاب الصوم، باب ما يستحب من تعجيل الفطر وتأخير السحور، حديث (٨٣٨٣). ضعفه البيهقي، وصحح أبو بكر الهيثمي في"مجمع الزوائد" (٣/ ٣٦٨) رواية الطبراني في الأوسط.