للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أحكام السِّقط]

وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ؛ إِذَا أَسْقَطَتْ سِقْطًا، فَإِنْ كَانَ اسْتَبَانَ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ، كَأُصْبُعٍ مَثَلًا، فَهِيَ نُفَسَاءُ (١)، فِيمَا رَأَتِ الدَّمَ، وَلَهُ حُكْمُ الْوَلَدِ التَّامِّ، وَإِنْ لَمْ [يَسْتَبِنْ] (٢) شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ؛ فَلَا نِفَاسَ لَهَا (٣)، وَلَكِنْ إِنْ أَمْكَنَ جُعِلَ الْمَرْئِيِّ مِنَ الدَّمِ حَيْضًا؛ بِأَنْ يَتَقَدَّمَهُ طُهْرٌ تَامٌّ؛ يُجُعَلُ حَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ جَعْلُهُ حَيْضًا؛ فَهُوَ/ اسْتِحَاضَةٌ (٤).

فَإِنْ رَأَتْ دَمًا قَبْلَ إِسْقَاطِ السِّقْطِ، وَرَأَتْ دَمًا، بَعْدَ إِسْقَاطِ السِّقْطِ؛ فَإِنْ كَانَ السِّقْطُ مُسْتَبِينَ الْخَلْقِ؛ فَمَا رَأَتْهُ قَبْلَ الْإِسْقَاطِ لَا يَكُونُ حَيْضًا (٥)، وَهِيَ نُفَسَاءُ فِيمَا رَأَتْ بَعْدَ الْإِسْقَاطِ.

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ السِّقْطُ مُسْتَبِينَ الْخَلْقِ، فَمَا رَأَتْهُ قَبْلَ الْإِسْقَاطِ حَيْضٌ (٦) إِنْ أَمْكَنَ جَعْلُهُ حَيْضًا، بِأَنْ وَافَقَ (٧) أَيَامَ عَادَتِهَا، أَوْ كَانَ مَرْئِيًا عَقِيبَ طُهْرٍ صَحِيحٍ، وَإِنْ كَانَ (٨) السِّقْطُ لَا يُدْرَى؛ بِأَنَّهُ كَانَ مُسْتَبِينَ الْخَلْقِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ، بِأَنْ أَسْقَطَتْ فِي الْمَخْرَجِ، وَاسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ، وَهِيَ مُبْتَدِأَةٌ فِي النِّفَاسِ، وَصَاحِبَةُ عَادَةٍ فِي الْحَيْضِ، وَالطُّهْرِ، كَأَنَّ (٩) عَادَتَهَا فِي الْحَيْضِ عَشْرَةً، وَفِي الطُّهْرِ عِشْرِينَ، فَنَقُولُ: عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ السِّقْطَ مَسْتَبِينُ الْخَلْقِ: هِيَ نُفَسَاءُ، وَنِفَاسُهَا يَكُونُ أَرْبَعِينَ (١٠) يَوْمًا، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ السِّقْطَ؛ لَمْ يَكُنْ مُسْتَبِينَ الْخَلْقِ، لَا تَكُونُ نُفَسَاءَ، وَتَكُونُ عَشْرَةَ أَياَّمٍ، عَقِيبَ الْإِسْقَاطِ حَيْضًا، إِذَا وَافَقَ عَادَتَهَا، أَوْ كَانَ ذَلِكَ عَقِيبَ طُهْرٍ صَحِيحٍ، فَتَتْرُكُ هِيَ الصَّلَاةَ، عَقِيبَ الْإِسْقَاطِ، عَشْرَةَ أَيَّامٍ بِيَقِينٍ، ثُمَّ تَغْتَسِلُ، وَتُصَلِّي عِشْرِينَ يَوْمًا، بِالْوُضُوءِ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ، بِالشَّكِّ، ثُمَّ تَتْرُكُ الصَّلَاةَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ بِيَقِينٍ، ثُمَّ تَغْتَسِلُ لِتَمَامِ (١١) مُدَّةِ النِّفَاسِ، وَالْحَيْضِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ طُهْرُهَا عِشْرِينَ، وَحَيْضُهَا عَشْرَةً، وَذَلِكَ دَأْبُهَا. كَذَا فِي "الْمُحِيطِ" (١٢).


(١) ويرى الحنابلة وغيرهم، أنه يثبت حكم النفاس، بوضع ما تبين فيه خلق إنسان. …
انظر "الفروع لابن مفلح " (١/ ١٨٧ "كشاف القناع للبهوتي" (١/ ٢١٩).
(٢) في (أ): (يستبين) والصحيح لغةً ما أثبت.
(٣) وبه قال محمد بن الحسن، فقد سُئِلَ: (أَرَأَيْت السقط إِذا استبان خلقه هَل يكون بِمَنْزِلَة الْوَلَد وَتَكون الْمَرْأَة فِيهِ بِمَنْزِلَة النُّفَسَاء. قَالَ: نعم). ينظر: "المبسوط" لمحمد بن الحسن (١/ ٣١٠).
(٤) الاسْتِحَاضَة: أَنْ يَسْتَمِرّ بِالْمَرْأَةِ خُرُوجُ الدَّمِ بَعْدَ أَيَّامِ حَيْضها الْمُعْتَادَةِ. يُقَالُ اسْتُحِيضَتْ فَهِيَ مُسْتَحَاضَة؛ وَهُوَ اسْتِفْعال مِنَ الحَيْض. "النهاية في غريب الحديث والأثر لإبن الأثير" (١/ ٤٦٩)
(٥) في (ب): (فما رأته قبل الإسقاط حيض).
(٦) (حَيْضٌ) ساقط من (ب) ومكانه: (قولان السقط لا يدرى بأنه كان). وبه قال محمد بن الحسن، فعندما سُئِل: (أَرَأَيْت امْرَأَة أسقطت سقطا لم يتَبَيَّن شَيْء من خلقه أتعدها نفسَاء قَالَ: لَا. قلت: فكم تدع الصَّلَاة. قَالَ: أَيَّام حَيْضهَا حَتَّى تستكمل مَا بَينهَا وَبَين الْعشْرَة الْأَيَّام). ينظر: "المبسوط" لمحمد بن الحسن (١/ ٣١١).
(٧) في (ب): (يوافق).
(٨) (وإن كان)، ساقط من (ب).
(٩) في (ب): (كان).
(١٠) في (ب): (أربعون).
(١١) في (ب): (ثم تغتسل في أيام مدة النفاس والحيض).
(١٢) ينظر: "المحيط البرهاني لإبن مازة " (١/ ٢٦٦ - ٢٦٧)، واصل هذا الكلام في "المبسوط" للسرخسي (٣/ ٢١٤).