للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(والتشبيه بالعبد المأذون يُفيد أن ما يثبت في العبد من الأحكام يثبت في حقه) حتى أن الصبي المأذون لو اشترى عبدًا فأذن له في التجارة [فهو جائز؛ لأن الإذن في التجارة] (١) من صنيع التجار؛ ولهذا صح من العبد المأذون، فكذلك من الصبي المأذون.

[[التخليف في بعض الأحكام بين العبد والصبي]]

فإن قلتَ: كيف يستقيم تعميم قوله: (أن ما يثبت في العبد من الأحكام يثبت في حق الصبي المأذون) مع التخليف في بعضها، وهو أن الموْلَى محجور عن التصرف في مال العبد المأذون إذا كان عليه دين يحيط بماله، والموْلَى ليس بمحجور عن التصرف في مال الصبي المأذون، وإن كان عليه دين يحيط بماله والرواية في «المبسوط» (٢).

قلتُ: الجواب عنه من وجهين أحدهما: أن ما ذكرته من الحجر وعدمه هو في انحجار الموْلَى، وعدم انحجار الولي في المال، وما ذكره في الكتاب (٣) من التعميم في تصرف العبد في ماله، وتصرف الصبي في ماله فلا يَرُدُّ نَقْضًا لاختلاف التَّصرفين (٤).

والثاني: هو ما ذكره في «المبسوط» (٥) (وإنما يملك الأب أو الوصي التصرف في مال الصبي، سواء كان على الصبي دين أو لا؛ لأن دين الحر في ذمته لا تعلُّقَ له بماله، بخلاف دين العبد المأذون؛ فإنه يتعلق بكسبه، ويصير الموْلَى من التصرف كأجنبي آخر، إذا كان الدين مستغرقًا).

[[صحة إقرار الصبي بما في يده من كسبه]]

(ويصح إقراره بما في يده من كسبه)، ذَكرَه بطريق التعميم ليتناول العين والدين، ويتناول كل المُقَرِّ له؛ فإن الصبي المأذون إذا أقرَّ بعد إذن الولي له بعين أو بدين له أو لغيره صحيح؛ لأنه صار منفك الحجر عنه بالإذن، فهو كما لو صار منفك الحجر عنه بالبلوغ (٦).

فإن قلتَ: الولاية المتعدية فرع الولاية القائمة، ثم إقرار الولي عليه باطل، فكيف يستفيد هو بإذن الولي ما لم يملك الولي مباشرته؟

قلتُ: قد ذكرت هذه الشُبهة وجوابها في ضمن غيرها، والتحقيق فيه: هو أن الولي إنما لا يملك مباشرته؛ لأنه لا يتحقق منه؛ لأن الإقرار قول من المرء على نفسه، وما ثبت على الغير بقوله فهو شهادة (٧)؛ وإقرار الولي على الصغير قولٌ على الغير فيكون شهادة، وشهادةُ الفرد لا تكون حجة (٨).


(١) سقطت في (ع).
(٢) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٥/ ٢٥ - ٢٦).
(٣) انظر: الهداية (٤/ ٢٩٥).
(٤) انظر: العناية شرح الهداية (٩/ ٣١٣)، فتح القدير (٩/ ٣١٣).
(٥) للسرخسي (٢٥/ ٢٦).
(٦) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٥/ ٢٣)، مجمع الأنهر (٢/ ٤٥٥).
(٧) انظر: بدائع الصنائع (٤/ ١١٠)، المحيط البرهاني (٥/ ٣٠٤).
(٨) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٥/ ٢٣)، فتح القدير (٩/ ٣١٤).