للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[إذا هلك الرهن بعد قضاء الدين وقبل تسليمه إلى الراهن]]

(فَلَوْ هَلَكَ قَبْلَ التَّسْلِيْمِ) (١)، أَيْ: لَوْ هَلَكَ الْمَرْهُوْنُ قَبْلَ تَسْلِيْمِ الْمُرْتَهِنِ الْمَرْهُوْنَ إِلَى الرَّاهِنِ (اسْتَرَدَّ الرَّاهِنُ مَا قَضَاهُ) (٢) مِنْ الدَّيْنِ (٣).

فَإِنْ قُلْتَ: يُشْكِلُ {عَلَى} (٤) هَذَا فِيْ صُوْرَةِ الْإِبْرَاءِ وَالْهِبَةِ فِيْ جَوَابِ الْاسْتِحْسَانِ، فَإِنَّهُ إِذَا ارْتَهَنَ عَبْدًا بِألْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهُ وَقِيْمَتُهُ ألْفَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ وَهَبَ الْمُرْتَهِنُ الْمَالَ لِلْرَّاهِنِ، [أَوْ] (٥) [أبْرَأَهُ] (٦) مِنْهُ، وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ الرَّهْنَ حَتَّى هَلَكَ عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمْنَعَهُ إِيَّاهُ، فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيْ الْاسْتِحْسَانِ، مَعْ أَنَّ بِقَبْضِ [الرَّهْنِ] (٧) يَثبُتُ لِلْمُرْتَهِنِ يَدُ الْاسْتِيْفَاءِ، ويَتِمُّ ذَلِكَ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ، [فَبِصَيْرُوْرَتِهِ] (٨) مُسْتَوْفِيَاً بِهَلَاكِ الرَّهْنِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ بِمَنْزِلَةِ اسْتِيْفَاءٍ حَقِيْقَةً بَعْدَ الْإِبْرَاءِ، فَفِيْ الْاسْتِيْفَاءِ حَقِيْقَةً بَعْدَ الْإِبْرَاءِ يَلْزَمُ رَدُّ الْمُسْتَوْفَى، فَيَجِبُ أَنْ يَكُوْنَ [هَاهُنَا] (٩) كَذَلِكَ (١٠).

وَلَا يُقَالُ: لَوْ وَجَبَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ [إِنَّمَا] (١١) يَجِبُ بِسَبَبِ الْإِبْرَاءِ، وَهُوَ مُتَبَرِّعٌ فِيْهِ فَلَا يُوْجِبُ ضَمَانًا؛ لِأَنَّا نَقُوْلُ: أَنَّ وُجُوْبَ الضَّمَانِ عَلَيْهِ لَيْسَ بِالْإِبْرَاءِ، بَلْ بِالْاسْتِيْفَاءِ [بِهَلَاكِ الرَّهْنِ] (١٢)، إِلَّا أَنَّهُ قَبْلَ الْإِبْرَاءِ كَانَ يَقَعُ الْمُقَاصَّةُ (١٣)، وَبَعْدَ الْإِبْرَاءِ لَا يُمْكِنُ إِثْبَاتُ الْمُقَاصَّةِ، فَيَبْقَى الْمُسْتَوْفَى مَضْمُوْنًا عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ اسْتَوْفَاهُ حَقِيْقَةً بَعْدَ الْإِبْرَاءِ، فَإِنَّهُ يَلْزمُهُ ضَمَانُ الْمُسْتَوْفَى، وَالدَّلِيْلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْإِشْكَالِ: أَنَّهُمَا لَوْ تَصَادَقَا عَلَى أَنْ لَا دَيْنَ؛ بَقِيَ ضَمَانُ الرَّهْنِ لِبَقَاءِ الْقَبْضِ وَإِنْ انْعَدَمَ الدَّيْنُ (١٤).


(١) يُنْظَر: بداية المبتدي (ص ٢٣٠).
(٢) يُنْظَر: بداية المبتدي (ص ٢٣٠).
(٣) يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ٦٧)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (١/ ٢٣٣)، رد المحتار على الدر المختار (٦/ ٤٨٣).
(٤) سقطت من (أ).
(٥) في (ب): (و).
(٦) في (أ): (أبرأ).
(٧) في (ب): (الرهن الرهن).
(٨) في (أ): (فصيرورتُهُ).
(٩) في (ب): (هُنا).
(١٠) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٢١/ ٩٠)، العناية شرح الهداية (١٠/ ١٤٩ - ١٥٠)، تكملة فتح القدير (١٠/ ١٤٩).
(١١) في (أ): (أي).
(١٢) في (ب): (بهلاكه).
(١٣) - الْمُقَاصَّةُ لُغَةً: مصدر من قَصَصَ، فتأتي بمعنى المساواة والمقابلة والمماثلة. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص ٤١٦)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (٢/ ٥٠٥)، مختار الصحاح (ص ٢٥٤).
- الْمُقَاصَّةُ اصْطِلَاحًا: لم أجد في كتب الفقه الحنفيِّ تعريفًا اصْطِلَاحيًّا مفردًا للمُقَاصًّةِ' إلا أني وجدت "الموسوعة الفقهية الكويتية" قد عرفته بتعريف، وعزته إلى كتاب "مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان" لمحمد قدري باشا، وهو: إِسْقَاطُ دَيْنٍ مَطْلُوْبٍ لِشَخْصٍ مِنْ غَرِيْمِهِ، فِيْ مُقَابِلِ دَيْنٍ مَطْلُوْبٍ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ لِغَرِيْمِهِ. يُنْظَر: الموسوعة الفقهية الكويتية (٣٨/ ٣٢٩).
(١٤) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٢١/ ٩٠).