للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ضرر المالك يُجبر بالقيمة]

(لتَّ السَّوِيق) (١) خلطه من باب طلب، (لأن التمييز مُمكن) أي: بالعصر (ولنا: ما بَيَّنَّا أن فيه رعاية الجانبين) أي: جانبي المالك والغاصب، ولم يذكر فيما قبل هذه العبارة بعينها، ولكن ما ذكره في تعليل المسألة المذكورة في أول هذا الفصل يؤدي معناه إلى هذا من اعتبار جانب الغاصب، وجانب المالك، وهو قوله: (ولنا: أنه أحدث صنعة متقومة) إلى آخره، وكذلك قوله في تعليل مسألة (غصب الساجة) بقوله: (وآخر لنا فيه: أن فيما ذهب إليه إضرارا بالغاصب)، وضرر المالك (٢) فيما ذهبنا إليه مجبور بالقيمة، كان في هذا كله اعتبار للجانبين (٣).

[[الفرق بين غصب الساحة وصبغ الثوب]]

وقوله- رحمه الله-: (بخلاف الساحة) بالحاء المهملة (٤) جواب عن قوله (اعتبارًا بفصل الساحة) يعني: أن في فصل الساحة يُؤمر بالقلع إذا لم تكن الأرض تنقص بالقلع من غير إثبات الخيار (لأن النقض (٥) أي: الحاصل من البناء المنقوض كالخشب والأجر (له) أي: للغاصب، (أما الصبغ فيتلاشى) ولم يحصل للغاصب منه شيء؛ فلذلك قلنا بالخيار لصاحب الثوب بين الشيئين المذكورين في الكتاب (٦) لكيلا يفوت حق الغاصب من كل وجه؛ لما بيَّنَّا أن الغاصب وإن كان مُتعديًا فعِصمة ماله ثابتة، فكان جانبه مَرعِيًّا أيضًا لا محالة، وعلى ما قاله الشافعي (٧) -رحمه الله- بهدر جانب الغاصب من كل وجه، (وبخلاف ما إذا انصبغ بهبوب الريح) يعني: (إذا هبت الريح بثوب إنسانٍ فألقته في صبغ غيره؛ فإن هناك لا ضمان على صاحب الصبغ لانعدام الصبغ منه، وفيما وراء ذلك هما سواء)، أي: صبغ الغاصب والانصباغ (٨). كذا في «المبسوط» (٩).


(١) السَّوِيق: مَا يُتَّخذ مِنَ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ. انظر: لسان العرب (١٠/ ١٧٠).
(٢) في (أ): (الملك) وما أثبت هو الصحيح. انظر: فتح القدير (٩/ ٣٣٨).
(٣) انظر: فتح القدير (٩/ ٣٣٨)، العناية شرح الهداية (٩/ ٣٣٨).
(٤) في (ع): عليها بعض الطمس.
(٥) النَّقْضُ: إِفْسادُ مَا أَبْرَمْتَ مِنْ عَقْدٍ أَو بِناء. لسان العرب مادة (ن ق ض) (٧/ ٢٤٢).
(٦) انظر: الهداية (٤/ ٣٠١).
(٧) انظر: الأم للشافعي (٣/ ٢٥١)، تحفة المحتاج (٦/ ٤٨)، نهاية المحتاج (٥/ ١٨٩).
(٨) انصبغ الثَّوبُ: تلوَّن. معجم اللغة العربية المعاصرة (٢/ ١٢٦٥).
(٩) للسرخسي (١١/ ٨٤).