للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مبسوط شيخ الإسلام.

[[أنواع شركة العقود]]

(ثم هي أربعة أَوْجه) فوجه الانحصار فيها هو أنَّه: إمَّا أنْ يذكر المال في عقد الشركة أم لا. فإنْ ذكرا، فلا يخلو إمَّا أن يلزم اشتراط المساواة في ذلك المال في رأسه وربحه أم لا. فإنْ لزم فالمفاوضة، وإلا فالعِنان، وإنْ لم يذكر المال فلا يخلو إمَّا أنْ يشترطا العمَل فيما بينهما في مال الغير أم لا. (فالأوّل الصنائِع، والثّاني الوجوه).

قال قائلهم: لا يصلح النَّاس … البيت فالقائل به: الأفوَهُ الأودي (١)، وهو اسم شاعر وبعده شعر (٢):

تُهدَى الأمور بأهل الرأي ما صلحت … فإن تولت فبالجهال تنقاد (٣)

يقال: النَّاس فوضى في هذا الأمر، أي: سواءٌ لا تبايُن بينهم، و"السَّراة" جمع السَّريِّ لا يُعرف غيره، وهو جمع غير (٤) أن يجمع فعيل على فعلة.

"والسرو: سخاء في مروءةٍ. يقَال: سَرا يَسْرو، وسَرْيَ - بالكسر - يَسْرى سَرْوًا فيهما. وسرو يسرو سراوة، أي: صار سَرِيَّا. وقال:

وتَرى السَرِيَّ من الرّجال بنَفْسه … وابنُ السَرِيِّ إذا سَرى أَسْراهُما" (٥) كذا في الصحاح.

وجعل في المفصَّل (٦) السّراة اسم جمع للسريِّ، كرَكب في راكب وسفْر في مسافر (٧).

ومعنى البيت: لا تصلُح (٨) أمور النّاس حال كونهم متساوين إذا لم يكن لها أمراء وسادات، فإنّهم إذا كانوا مُتَساوين تتحقَّق المنازعة بينهملأنَّه إذا لم يكُن فيهم أمير يطاع في أمره ونهيه كان كلُّ واحدٍ منهم مستقلًّا برأيه، فتتحقَّق المنازعة، فكان معنى البيت إشارة إلى دلالة التوحيد/ المستفادة من قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (٢٢)} [الأنبياء: ٢٢].


(١) هو صلاءة بن عمرو بن مالك، من بني أود، من مذحج: شاعر يماني جاهلي، يكنى أبا ربيعة. قالوا: لُقّب بالأفوه لأنّه كان غليظ الشفتين، ظاهر الأسنان. كان سيد قومه وقائدهم في حروبهم. وهو أحد الحكماء والشعراء في عصره. أشهر شعره أبياته التي منها:
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم … ولا سراة إذا جهّالهم سادوا
توفي سنة ٥٧٠ م. شعراء النصرانية (١/ ٧٠)، الشعر والشعراء (١/ ٢١٧)، سمط اللآلي في شرح أمالي القالي (١/ ٣٦٥).
(٢) ساقط من (ب).
(٣) الشعر والشعراء (١/ ٢١٧)، التمثيل والمحاضرة (ص: ٥١)، المنتحل (ص: ١٧٢).
(٤) في (ب) "عزيز".
(٥) الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (٦/ ٢٣٧٥).
(٦) المفصل في صنعة الإعرابللإمام أبي القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري المتوفى (٥٣٨ هـ).
انظر: "المفصل" (ص: ٢٤٤).
(٧) ينظر القاموس المحيط (ص: ١٢٩٥)، تاج العروس (٣٨/ ٢٧٢).
(٨) في (ب) "يصلح".