للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[الفرق بين الثوب الهروي والمروي في البيع]]

(المروي) بفتح الميم والراء، هذه النسبة إلى مرو، وهي مدينة بالحجاز ناحية وادي القرى.

(ولا قبول) مبني على الفتح على نفي الجنس، وذكر في المبسوط (١) في أول باب البيوع الفاسدة، فقال: "وأكثر مشائخنا يقولون هذا الجواب، قولهما، فأما عند أبي حنيفة - رحمه الله - فالعقد فاسد كله؛ لأنه فسد بعضه بفسادٍ قوي؛ إذ لا سبب لبطلان البيع أقوى من عدم العقود عليه، واستدلوا عليه بما ذكر في الزيادات (٢) " (٣) وهي مسألة الثوبين الهرويين.

"ثم قال -رحمه الله-: والأصح عندي أن هذا قولهم جميعاً؛ لأن أبا حنيفة -رحمه الله- في نظائر هذه المسألة (٤) إنما يفسد فيه العقد في الكل؛ لوجود العلة المفسدة، وهي أنه جعل قبول العقد في ما يفسد فيه العقد شرطاً في قبوله في الآخرة (٥)، وهذا لا يوجد ههنا، فإنه شرط قبول العقد في المعدوم، ولا قصد إيراد العقد على الموجود (٦) المعدوم، وإنما قصد إيراده على الموجود فقط، ولكنه غلط في العدد، بخلاف مسألة الزيادات؛ فإن هناك جعل قبول العقد في كل واحد من الثوبين (٧) شرطاً لقبوله في الآخر، وهو شرط فاسد".

"وحاصل الفرق بينهما هو أن الشيئين الموصوفين بوصف يوصف (٨) إذا دخلا في عقد واحد، كان قبول كل واحد منهما شرطاً لصحة العقد في الآخر بذلك الوصف، فإذا انعدم ذلك الوصف في أحدهما كان ذلك شرطاً فاسداً في الآخر، فبالنظر إلى وجود ذلك الشيء كان شرطاً، وبالنظر إلى انعدام ذلك الوصف كان فاسداً.

وأما إذا كان أحدهما معدوماً بذاته ووصفه، لم يكن هو داخلاً في نفس العقد حتى يكون قبوله شرطاً في (٩) صحة العقد في الآخر؛ لأنه معدوم، فلا يتصور القبول في المعدوم، بل يجعل ذلك غلطاً" (١٠)، فلما (١١) لم يجعل ذلك شرطاً لم يفسد العقد في الآخر، وفي الثاني بتسعة ونصف يخير من التخير، وإنما يثبت له الخيار في الوجهين عند محمد؛ لئلا يلزم عليه (١٢) من اختياره زيادة الثمن كما في الوجه الأول، أو نقصان المبيع كما في الوجه الثاني.


(١) المبسوط (١٣/ ٣)، بدائع الصنائع (٥/ ٢١٧).
(٢) الزيادات في فروع الحنفية، للإمام: محمد بن الحسن الشيباني، المتوفى: سنة ١٨٩، تسع وثمانين ومائة، وهي من كتبه الستة التي تسمى بكتب ظاهر الرواية، وهو لا يزال مخطوطاً.
(٣) المبسوط (١٣/ ٣).
(٤) كما سبق في مسألة الحر والعبد، وكذا في مسألة الثياب. انظر: ص ١١٠.
(٥) "الآخر" في (ب).
(٦) سقط من (ب).
(٧) "بين " في هامش (أ) وفي (ب).
(٨) سقط من (ب).
(٩) سقط من (ب).
(١٠) تبيين الحقائق (٤/ ٨)، البناية شرح الهداية (٨/ ٢٩).
(١١) "فإذا" في (ب).
(١٢) سقط من (ب) ومكررة في (أ).