للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِنَّمَا جَعَلْنَا الْخَارِجَ مِنْ الْأَرْضِ الْمَرْهُوْنَةِ فِيْ حُكْمِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الْخَارِجَ [نَمَاءٌ] (١) تَوَلَّدَ مِنْ الْأَرْضِ فَأَخَذَ حُكْمَهَا، كَوَلَدِ الْمَرْهُوْنَةِ (٢).

(فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ) (٣)؛ لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ (٤).

[[تأدية الراهن أو المرتهن ما لا يجب عليه فيما فيه مصلحة الرهن]]

(وَمَا أَنْفَقَ أحَدُهُمَا مِمَّا يَجِبُ عَلَى الْآخَرِ بِأَمْرِ القَاضِيْ) (٥) يَجِبُ عَلَيْهِ، فبِمُجَرَّدِ أَمْرِ الْقَاضِيْ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ، مَا لَمْ يُجْعَلْ دَيْنًا عَلَيهِ، عَلَى مَا هُوَ الْمَذْكُوْرُ فِيْ "الذَّخِيْرَةِ"، [وقَالَ] (٦): ومَا أَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ علَى [الرَّهْنِ] (٧) والرَّاهِنُ غَائِبٌ فَهُوَ مِنْهُ تَطَوُّعٌ، فَإِنْ أَمَرَهُ القَاضِي أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ ويُجْعَلَ دَيْنًا علَى الرَّاهِنِ فَهُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: فَقَدْ أَشَار إِلَى أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ أَمْرِ القَاضِي لا تَصِيْرُ النَّفَقَةُ دَيْنًا علَى الرَّاهِنِ، حَيْثُ قَالَ: ويَجْعَلُهُ القَاضِيْ دَيْنًا عَلَيْهِ (٨).

قَالَ شَمْسُ الأَئِمَّةِ/ (٩): وهكَذَا نَقُولُ فِي كِتَابِ الُّلقَطَةِ، وَأَكْثَرُ مَشَائِخِنَا -رَحِمَهُمُ اللهُ- عَلَى هَذَا، أَنَّهُ لابُدَّ مِنْ التَّنْصِيْصِ عَلَى أَنْ يَكُوْنَ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَى الرَّاهِنِ، أمَّا بِمُجَرَّدِ الْأَمْرِ بِالْإِنْفَاقِ فَلَا يَصِيْرُ دَيْنًا؛ وهَذَا لِأَنَّ أَمْرَ القَاضِيْ فِيْ هَذَا الْمَوْضِعِ مَا كَانَ لِإِلْزَامِ الْمَأْمُوْرِ شَيْئًا، فَإِنَّه لَا يُلْزِمُهُ بِالْإِنْفَاقِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِذَلِكَ يَتَرَدَّدُ بَيْنَ الْأَمْرِ بِالْإِنْفَاقِ حِسْبَةً (١٠)، وبَيْنَ الْأَمْرِ بِالْإِنْفَاقِ لِيَكُوْنَ دَيْنًا عَلَيْهِ، فَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَا يَثْبُتُ إِلَّا [أَدْنَاهُمَا] (١١)، فَلَا يَثْبُتُ دَيْنًا إِلَّا بِالتَّنْصِيْصِ عَلَيهِ (١٢).


(١) في (أ): (لَمَّا).
(٢) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٢٣/ ١٥٨ - ١٥٩).
(٣) يُنْظَر: بداية المبتدي (ص ٢٣١).
(٤) يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ٦٨)، العناية شرح الهداية (١٠/ ١٥٢)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٤٩٣).
(٥) يُنْظَر: بداية المبتدي (ص ٢٣١).
(٦) في (ب): (فقال).
(٧) في (ب): (الرَّاهِن).
(٨) يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (١٨/ ٨٢)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (٢/ ٢٥١)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٤٩٣).
(٩) شمس الأئمة/: المراد به هنا السرخسي/. يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (١٨/ ٨٢).
(١٠) حِسْبَةً: مِنْ الْاحْتِسَابِ وَالتَّبَرُّعِ، الَّذِيْ يُرَادُ بِهِ: ابْتِغَاءُ وَطَلَبُ الْأَجْرَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فِيْ الْآخِرَةِ. يُنْظَر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (١/ ١٣٤)، لسان العرب (١/ ٣١٤).
(١١) في (أ): (إِذْنَاهُما).
(١٢) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٢١/ ١١١ - ١١٢)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (١٨/ ٨٢)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (٢/ ٢٥١).