للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[ما أخذ من أموال أهل الحرب بدون قتال]]

وجَفَ (١) الفرس أو البعير: غدا، وجيفًا، وأوجَفَه صاحبه إيجافًا.

وقوله: (وما أوجف المسلمون عليه) أي: أعملوا خيلهم وركابهم في تحصيله، " (وَالْجَلَاءُ) بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ، الْخُرُوجُ عَنْ الْوَطَنِ وَالْإِخْرَاجُ، يُقَالُ: جَلَا السُّلْطَانُ الْقَوْمَ عَنْ أَوْطَانِهِمْ وَأَجَلَاهُمْ فَجَلَوْا وَأَجْلَوْا أَيْ: أَخْرَجَهُمْ فَخَرَجُوا، كِلَاهُمَا يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى"؛ (٢) كذا في المغرب.

قوله: (والجزيةِ) بالجرِّ عطفًا على قوله: (الأراضي) (أي: هو مثل الأراضي التي أجلوا أهلها)، ومثل الجزية.

(وقال الشّافعي فيهما (٣) أي: في الأراضي التي أَجلوا أهلَها عنها وفي الجزية. وفي بعض النُّسخ "فيها" أَي: في الثَّلاثة وهي الأراضي؛ والجزية؛ والخراج.

(ولأنَّه مال مأخوذٌ) أَي: ولأنَّ ما أَوْجف المسلمون عليه مِن المالِ مالٌ مأخوذٌ بقوَّة المسلمين، (مِن غير قتالٍ) بل بوقوعِ الرُّعب في قلوب الكفَّار من قوَّة المسلمين.

(بخلاف الغَنيمة) فإنَّها مأخوذةٌ بِسبَبَينِ وهما: (مباشرة الغازي) القَتْل (٤) (وقوَّة المسلمين). فلمَّا استُحِقَّ ما أَوجف المسلمون عليه بسبِبٍ واحد، وهو الرُّعب بقوة المسلمين، كانت جهته واحدةً، ولم يتبعَّض استحقاقُه لذلك، كما في مال الزكاة والعُشر، فلم يصِحَّ حينئذٍ اعتباره بالغنيمة.

(فاستحق الخُمُس بمعنىً)، وهو الرُّعب بقوَّة المسلمين، (واستحقَّه الغانمون بمعنىً) وهو مباشرة القتال.

(وفي هذا) أي: فيما أَوجَف المسلمون عليه (السَّبب) بالرفعُ على الابتداء واحدٌخبرُهُ (٥) وهو الرُّعب من قوَّة المسلمين.


(١) وجف: قال النَّبي -عليه الصلاة والسلام-: "إنّ البر ليس في إيجاف الخيل ولا في إيضاع الإبل"، يقال: وجف الفرس يجف وجيفًا إذا أسرع، وأوجفه راكبه إيجافًا أي: حمله على الإسراع قال الله تعالى: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} [الحشر: ٦]. طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية (ص: ٣١)، لسان العرب (٩/ ٣٥٢.
(٢) المغرب في ترتيب المعرب (ص: ٨٨).
(٣) مذهب الشافعي أنّ المال المأخوذ من الكفّار، منقسم إلى ما يحصل بغير قتال وإيجاف خيل وركاب، إلى ما هو حاصل بذلك، ويسمّى الأول: فيئا. والثاني: غنيمة وكلاهما مخمس. ينظر الحاوي الكبير (٨/ ٣٨٦ - ٣٨٨)، نهاية المطلب في دراية المذهب (١١/ ٤٤٥)، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (٦/ ٥١).
(٤) ساقط من (ب).
(٥) في (أ) "جبره"، لعل ما في (ب) هو الصحيح لموافقته سياق الكلام.