للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[ليس للمأذون أن يرهن نفسه]]

(فإن أذن له في نوع منها دون غيره فهو مأذون في جميعها) وسواء نهى عن غير ذلك النوع صريحًا أو سكت عنه يكون مأذونًا في جميع التجارات؛ لأنه قال في «الإيضاح» (١): لو أذن له في شراء البُرُّ (٢) وقال له: لا تشترِ غيره فهذا إذن له في جميع التجارات.

[[الخلاف في تخصيص الإذن بنوع]]

(وقال زفر (٣) (٤) والشافعي (٥) -رحمهما الله-: لا يكون مأذونًا) وفي رواية أخرى عن زفر (٦) أنه قال: إن سكت عن النهي عن سائر الأنواع بأن قال له: اعمل في البُرِّ فهو مأذون في التجارات كلها، فإِنْ صرَّح بالنهي عن التصرف في سائر الأنواع فليس له أن يتصرف إلا في النوع الذي أذن له فيه خاصَّةً (٧)، (وعلى هذا الخلاف إذا نهاه عن التصرف في نوع آخر) يعني: أن عندنا (٨) لمَّا أذن في نوع كان مأذونًا في أنواع التجارة كلها، وإن صرح بالنهي عن غيره كما ذكرنا من رواية «الإيضاح» (٩)، وعندهما (١٠) ينحصر الإذن في ذلك النوع الذي أذن له فيه على ما بيَّنَّاه، إشارة إلى ما ذكر في أول كتاب المأذون بقوله: (وفي الشرع: فك الحجر وإسقاط الحق فلا يتخصص بنوع دون نوع) أي: وإن خص نوعًا واحدًا أو نهى عن سائر الأنواع صريحًا/ فلا يتخصص، بل يعم (١١) التجارات كلها على ما ذكرنا.


(١) انظر: المبسوط للشيباني (٨/ ٥٠٦)، بدائع الصنائع (٧/ ١٩٢)، الاختيار (٢/ ١٠١).
(٢) البُرُّ: القمح. انظر: الصحاح مادة (ق م ح) (١/ ٣٩٧).
(٣) هو زفر بن الهذيل بن قيس العنبري، ولد عام ١١٠ هـ فقيه كبير من أصحاب أبي حنيفة، وهو أكبر تلامذته، وكان ممن جمع بين العلم والعمل، وكان يدري الحديث ويتقنه، أصله من أصبهان، أقام بالبصرة، وولي قضاءها، (ت ١٥٨ هـ) انظر: وفيات الأعيان (٢/ ٣١٧)، سير أعلام النبلاء (٨/ ٣٩)، الجواهر المضية (١/ ٢٤٣)، تاج التراجم (ص: ١٧٠).
(٤) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٥/ ٩)، الاختيار (٢/ ١٠١)، مجمع الأنهر (٢/ ٤٤٦).
(٥) انظر: العزيز (٤/ ٣٦٦)، منهاج الطالبين (ص: ١٠٩)، تحفة المحتاج (٤/ ٤٨٧)، نهاية المحتاج (٤/ ١٧٤).
(٦) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٥/ ٩)، الاختيار (٢/ ١٠١)، فتح القدير (٩/ ٢٨٨).
(٧) في (أ) (حاجته) وما أ ثبت هو الصحيح. انظر: المبسوط للسرخسي (٢٥/ ٩).
(٨) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٥/ ١٠)، تحفة الفقهاء (٣/ ٢٨٦)، الاختيار (٢/ ١٠١).
(٩) انظر: المبسوط للشيباني (٨/ ٥٠٦)، المبسوط للسرخسي (٢٥/ ١٠)، بدائع الصنائع (٧/ ١٩٢).
(١٠) أي: الشافعي وزفر- رحمهما الله-.
(١١) في (أ) وَ (ع) زيادة (في) وما أثبت هو الصحيح لسياق الكلام.