للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن أراد الإحسان فهو يتحقق في ضمن عقد المعاوضة بأحسن وجوهه أيضاً، كما حكي عن أبي العباس (١) رحمه الله أنه كان يتاجر الفقراء، وكان يشتري منهم بما يساوي درهماً بعشرة وزيادة؛ كيلا يرى الفقير نفسه تحت منَّته التي يوجب الرق.

قال الله تعالى: {وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} (٢).

فمن أخفى الصدقة فهو خفي على غير الفقير، ظاهر (على الفقير، ومن أخفاها في المعاوضة فقد) (٣) أخفاها على الفقير أيضاً، فكان هو أحسن وجوه الإحسان، مع كونه معاوضة، ولو لم يكن في المعاوضة إلا إطفاء ثائرة المنازعة والاختطاف (٤) بالمسارعة لكان كافياً، فإن المحتاج إلى ما في يد غيره إذا لم يجد سبيلاً بالمعاوضة (٥) لتسارع الناس (٦) إلى السلب وما في يده يميل إلى الدفع والذب، فيقتتلان ويظهر في الأرض الفساد، فكان في البياعات (٧) إطفاء ثائرة النِّزاع، وتسكين هيجان النفس بالابتياع.

[[تعريف البيع]]

ثم يحتاج هنا إلى معرفة ثمانية أشياء: [معرفة معنى البيع لغةً] (٨) وشرعاً، ودليل جوازه، وسببه، وركنه، وشرعه، وحكمه، وأنواعه. أما اللغة فالبيع عبارة عن تمليك المال (٩) بالمال (١٠). وكذا في الشرع، لكن لا (١١) بد (١٢) فيه قيد التراضي، فقيل: هو عبارة في الشرع عن مبادلة المال/ بالمال على وجه التراضي (١٣)، ثم هو من الأضداد (١٤). يقال: باع الشئ إذا شراه أو اشتراه، ويعدَّى إلى المفعول الثاني بنفسه وحرف (١٥) الجر نقول: باع الشيء وباعه (١٦) منه، فجمعه بلفظ البيوع على تأويل الأنواع.


(١) بعد البحث لم أقف على ترجمته.
(٢) [البقرة: ٢٧١].
(٣) من كلمة "على" إلى "فقد" سقط من (ب).
(٤) طمس الحرفين في الآخرين من (ب)، "الإحتطان" في (ج).
(٥) طمس من (ب).
(٦) طمس من (ب)، وسقط من (ج).
(٧) وهي الأشياء التي يتبايع بها في التجارة. تهذيب اللغة (٣/ ١٥٢).
(٨) سقط من (ج).
(٩) المال لغة: ما ملكته من جميع الأشياء، قال سيبويه: من شاذ الإمالة قولهم مال، أمالوها لشبه ألفها بألف غزا، قال: والأعرف أن لا يمال؛ لأنه لا علة هناك توجب الإمالة، قال الجوهري: ذكر بعضهم أن المال يؤنث لمحكم، والجمع أموال. والمحيط الأعظم (١٠/ ٤٤٠)، لسان العرب (١١/ ٦٣٥).
وشرعاً: المال ما يميل إليه الطبع، ويمكن ادخاره لوقت الحاجة. البحر الرائق (٥/ ٢٧٧).
(١٠) "على وجه التراضي ثم هو" زيادة في (ب).
(١١) سقط من (ب) وهو الأولى إذا كان بعدها الكلمة الساقطة في (أ) وهي في الهامش الذي بعد هذا الهامش. وقد وجدتها مثبتة في (أ) بخط صغير.
(١٢) "زيد" في (ب).
(١٣) عند الحنفية: بأنه مبادلة مال بمال، بالتراضي، وقال الموصلي: مبادلة المال المتقوَّم بالمال المتقوَّم تمليكاً وتملكاً، فإن وجد تمليك المال بالمنافع فهو إجارة أو نكاح، وإن وجد مجاناً فهو هبة، وهو عقد مشروع. فتح القدير (٦/ ٢٩٩)، درر الحكام (٢/ ١٤٢)، الاختيار لتعليل المختار (٢/ ٣).
(١٤) "الاضطداد" في (أ).
(١٥) "بـ " زيادة في (ب).
(١٦) "وله" في (ج).