للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدهما: أن للمقدّم فضلًا على المؤخّر كفضل الأيمن على الأيسر لسبقه على المؤخّر، والسّبق من أسباب الترجيح.

والثاني: هو أنّ في تقديم الأيسر المقدّم ختمًا بالأيسر المؤخّر، والختم بذلك أولى؛ ليبقى بعد الفراغ خلف الجنازة لما أنّ المشي خلفها [أفضل] (١) على ما ذكرناه، وهذه فوائد [مجموعة] (٢) من إشارات شروح «الجامع الصغير» كـ: «جامع الصغير» للمحبوبي، وغيره، والله أعلم بالصواب (٣).

[فصل في الدفن]

أصل هذه الأفعال من الغسل، والتكفين، والدّفن في بني آدم عرف بفعل الملائكة في حقّ آدم - صلى الله عليه وسلم -، روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: «لما توفي آدم - صلى الله عليه وسلم - غسّلته الملائكة، وكفّنوه، ودفنوه ثم (٤) قالوا لولده هذه سنّة موتاكم» (٥) على ما ذكرنا من «التحفة» (٦)، ويُلحد يحتمل أن يكون مجهول لحدًا، وألحد؛ لأن كلًّا منهما متعدّ يقال: لحد القبر، وألحده، وقبر ملحود، وملحد، ولحد للميت، وألحد له، أي: حفر له لحدًا، ولحد الميت، وألحده جعله في اللحد، واللحد هو الشق المائل في جانب القبر (٧). كذا في «المغرب» (٨).

ثم عندنا يلحد للميت، ولا يشق له (٩)، وقال الشّافعي -رحمه الله-: يشقّ، ولا يلحد لتوارث أهل المدينة، فإنّهم توارثوا الشق دون اللّحد، واحتج علماؤنا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «اللحد لنا، والشق لغيرنا» (١٠)، ولأنّ الشق فعل [أهل] (١١) اليهود، والتشبه بهم مكروه فيما منه بدّ، وكان بالمدينة حفاران: أحدهما يلحد، والآخر يشق، فلما قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثوا في طلب الحفّار قال العباس: «اللهم خِرْ لنبيك فوجد الذي يلحد» (١٢)، ولا حجة له في توارث أهل المدينة؛ لأنّهم إنّما توارثوا ذلك لضعف أراضيهم بالبقيع، ولأجل هذا المعنى اختاروا الشق في ديارنا، فإنّ (١٣) في أراضي ديارنا ضعفًا، ورخاوة فينهار [إذا لحد] (١٤)، فاختاروا الشق؛ لهذا وصفة اللحد أن يحفر القبر بتمامه، ثم يحفر في جانب القبلة منه حفيرة فيوضع فيها الميّت، ويجعل [ذلك] (١٥) كالبيت المسقف، وصفة الشق أن يحفر حفيرة في وسط القبر، ويوضع فيها الميّت. كذا في «المبسوط» (١٦)، و «المحيط» (١٧).


(١) [ساقط] من (ب).
(٢) [ساقط] من (ب).
(٣) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ١٣٦.
(٤) [ساقط] من (ب).
(٥) سبق تخريجه (ص ٢٣٨).
(٦) تحفة الفقهاء: ١/ ٢٣٩، ٢٤٠.
(٧) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ١٣٧.
(٨) (٢/ ٢٤٢ - مادة "لحد").
(٩) [ساقط] من (ب).
(١٠) أخرجه أبو داود في «سننه» (٣/ ٢٠٤)، كتاب الجنائز، باب في اللحد، رقم (٣٢١٠)، والترمذي في «سننه» (٣/ ٣٦٣)، كتاب الجنائز، باب ما جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم اللحد لنا والشق لغيرنا، رقم (١٠٤٥)، وابن ماجه في «سننه» (١/ ٤٩٦)، كتاب الجنائز، باب ما جاء في استحباب اللحد، رقم (١٥٥٤)، والنسائي في «سننه» (٤/ ٨٠)، كتاب الجنائز، باب اللحد والشق، رقم (٢٠٠٩). من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال الألباني في (صحيح وضعيف سنن ابن ماجه: ٤/ ٥٤): صحيح.
(١١) [ساقط] من (ب).
(١٢) أخرجه أحمد في «مسنده» (١/ ٢٩٢ – ٢٦٦١)، قال شعيب الأرنؤوط: صحيح لغيره وإسناده ضعيف لضعف حسين بن عبدالله.
(١٣) في (ب): " فكان".
(١٤) في (ب): " اللحد ".
(١٥) [ساقط] من (ب).
(١٦) ينظر: المبسوط للسرخسي: ٢/ ١١٠.
(١٧) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٣٤٧.