للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: بلى، ولكن حكمه يظهر في المحلّ عند خروج الرّوح، فإذا أُبِيْن طَرَف منه والباقي حيّ [فيُعَدّ] (١) لم يقع الفعل ذكاة، وإذا خرج منه الرّوح فصار ذكاة لم يظهر في الجزء المنفصل؛ لأنّ ظهور حكم الذكاة في الأجزاء على سبيل التبعيّة وقد بطلت بالانفصال (٢).

وفي "المبسوط": فحكم الذكاة استقر في الصّيد بعدما مات وذلك مبان منه، ولا يسري حكم الذكاة إلى ذلك العضو، ولا يمكن إثبات حكم الذكاة في ذلك العضو مقصودًا بالإبانة، كما لو بقي الصّيد {حيّاً} (٣)، فلهذا لا يؤكل ذلك العضو (٤).

[رمى صيدًا ولم يثخنه، فرماه آخَرُ فقَتَلَه]

ثم قال: وإن لم يكن بانَ ذلك العضو منه أُكِلَ كُله؛ لأن ببقاء الاتصال يسري حكم الذكاة إلى ذلك العضو، فيكون حلالاً كغيره، وإن كان تعلّق منه بجِلْدَةٍ: فإن {كان} (٥) بمنزلة ما قد بان منه لم يؤكل منه، {ومراده} (٦) من ذلك إذا كان بحيث لا يتوهّم اتصاله بعلاج فهو والمبان سواء، وإن كان بحيث يتوهّم ذلك فهذا جَرْح وليس بإبانة، فيؤكل {كُلُّه} (٧)، وإن قطعه بنصفين يؤكل {كُلُّه} (٨)، إذ لا يتوهّم بقاؤه حيًا بعدما قطعه بنصفين طُولاً، وإن قطع الثّلث منه مما يلي العَجُز [فأبانه] (٩) فإنّه يؤكل الثلثان اللذّان ممّا يلي الرأس، ولا يؤكل الثّلث الذي يلي العجُز، وإن قطع الثلث ممّا يلي الرأس فأبانه، فإنّه يؤكل {كله} (١٠)؛ لأنّ ما بين النّصف إلى العُنُق مذبح، يريد به أنّ الأوداج من [القلب] (١١) إلى الدماغ، فإن أبان الثّلث ممّا يلي العجز لم يستقر فعل الذكاة بهذا حين لم يقطع الأوداج، وإنّما استقرت بموت الصّيد، وهذا الجزء مبان عنه عند ذلك، وأمّا إذا أبان الثّلث ممّا يلي الرأس فقد استقر حكم الذكاة بقطع الأوداج بنفسه (١٢).

وقال: (فهو للثاني) (١٣)؛ (لأنّه هو الأخذ) (١٤)، فصار كمن آثار صيدًا وأخذه غيره، فالصّيد لِمَن أخذ لا لِمَن [أثاره] (١٥) (١٦).


(١) في (ب): (فبعد).
(٢) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٠/ ١٣٢)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٤٥٦).
(٣) سقطت من (أ).
(٤) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٢٥٤).
(٥) سقطت من (ب).
(٦) سقطت من (ب).
(٧) سقطت من (أ).
(٨) سقطت من (أ).
(٩) في (ب): (فما بانه).
(١٠) سقطت من (ب).
(١١) في (ب): (الثلث).
(١٢) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٢٥٤)، فتاوى قاضيخان (٣/ ٢٥٠)، الفتاوى الهندية (٥/ ٤٣٠ - ٤٣١).
(١٣) يُنْظَر: بداية المبتدي (ص ٢٢٩).
(١٤) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٥٢).
(١٥) في (ب): (أثار).
(١٦) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٢٥٠)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٨/ ٤١٩)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (٢/ ٥٨٣)