للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«وفرَّق أبو يوسف بين هذا، وبين المأمور بالحج عن الغير إذا أطلق النية عند الإحرام؛ فإنه يكون عاقداً لنفسه؛ لأنَّ الحج عبادة، والعبادات لا تتأدَّى إلا بالنية [وكان] (١) مأموراً بأنْ ينوي الحج عن المحجوج عنه، ولم يفعل فصار مخالفاً بترك ما هو الشرط.

أما في المعاملات، فالنية ليست بشرط، فلا يصير بترك النية عن الآمر مخالفاً فيبقى حكم عقده موقوفاً على النقد». كذا في باب الوكالة بالسلم من بيوع المبسوط (٢).

[في اختلاف الأمر والمأمور في شراء العبد قبل الدفع وبعده.]

«لأن في الوجه الأول» (٣)، وهو ما إذا لم يكن الثمن منقوداً إلى [الوكيل] (٤).

«أخبر عما لا يملك استئنافه»؛ أي: استئناف العقد؛ لأن العبد ميت والكلام فيه، والعبد الميت ليس بمحل لعقد الشراء، ولما لم يملك الوكيل استئناف الشراء فيه كان قول الوكيل بأنِّي قد فعلت، ومات عندي لإرادة الرجوع على الموكل بالثمن، وهو ينكر، فكان القول قول الموكل، وعن هذا وقع في بعض النسخ (٥).

«لا يملك استئنافه، وهو بهذا يريد الرجوع بالثمن» على الآمر، [وهذا] (٦) ظاهر.

وفى بعض النسخ: «لا يملك استئنافه، وهو الرجوع بالثمن» (٧)، فوجهه، أي: لا يملك الوكيل استئناف سبب الرجوع بالثمن، وهو العقد بعد موت العبد، وإنما قال: «وهو الرجوع»، ولم يقل، وهو العقد؛ لأن مقصود الوكيل من ذكر العقد الرجوع بالثمن على الآمر لا العقد لأجل الآمر فترك الواسطة، وهي العقد، وصرح بالمقصود، وهو الرجوع، فكان ذكراً للمسبب، وإرادة للسبب، وجاز هذا؛ لأن الرجوع بالثمن على الآمر مختص بالشِّراء لأجل الآمر؛ لأنَّه يملك استئناف الشراء؛ لأن العبد حي والحي محل الشِّراء فيملك أن يشتريه في الحال لأجل الآمر.

فإن قيل الشِّراء لا يتوقف بخلاف البيع، ولما وقع شراؤه أولًا للوكيل حين اشترى كيف يقع بعد ذلك للموكل، قلنا: تملك استئناف الشراء دائر مع التَّصوُّر، فيتصور أنْ يتفاسخ الوكيل الشِّراء مع بائعه، ثم يشتريه لأجل الموكل (٨).


(١) في «س»: [فكان].
(٢) المبسوط (١٢/ ٢١٣).
(٣) المسألة بتمامها في الهداية (٣/ ١٤١ - ١٤٢): «ومن أمر رجلاً بشراء عبد بألف فقال: قد فعلت ومات عندي، وقال الآمر: اشتريته لنفسك فالقول قول الآمر، فإن كان دفع إليه الألف فالقول قول المأمور»؛ لأنَّ في الوجه الأول أخبر عما لا يملك استئنافه … ».
(٤) في «ج»: [توكيل].
(٥) ينظر: العناية شرح الهداية (٨/ ٥١)، فتح القدير (٨/ ٥١).
(٦) في «ج»: [وهو].
(٧) الهداية (٣/ ١٤٢).
(٨) ينظر: فتح القدير (٨/ ٥٢).