للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: (في الأصحّ) (١) متعلّق بقولِه: (أو سِفَاح) (٢)؛ لأنّ اختلاف المشائخ في المصاهرة بالزنا لا في المصاهرة بالنكاح؛ لأنّه ذكر في "المبسوط" بعدما ذكر حكم ذوات المحارم بالنّسب [والمحرمة] (٣) بالرضاع؛ فقال: وكذلك [المحرمة] (٤) بالمصاهرة؛ لأنّ الله تعالى سوَّى بينها بقوله: {فَجَعَلَهُ?نَسَباوَصِهْرا} (٥)، إلا أنّ مشائخنا -رحمهم الله- يختلفون فيما إذا كان ثبوت حرمة المصاهرة بالزنا؛ فقال بعضهم: لا يثبت به حِلُّ المسِّ والنّظر؛ لأنّ ثبوت الحرمة بطريق العقوبة على الزاني لا بطريق [النّعمة] (٦)؛ ولأنّه {قد} (٧) جرّب مرة فظهرت خيانته فلا يؤتمن ثانياً، والأصحّ أنّه لا بأس بذلك؛ لأنّها محرمة عليه على التأبيد، ولا بأس بالنّظر إلى محاسنها كما لو [كان] (٨) ثبوت حرمة المصاهرة بالنكاح، ولا يجوز أن يقال: ثبوت الحرمة بطريق العقوبة ههنا؛ لأنّا إنّما نثبت الحرمة ههنا بالقياس على النكاح فإذا جعلناها بطريق العقوبة لم تكن تلك الحرمة، وإثبات الحرمة ابتداءً بالرأي لا يجوز (٩).

[مّسُ المواضع التي يجوز للرَّجُل النَّظر إليها من ذوات المحارم]

(ولا بأس بأن يمسَّ ما جاز أن ينظر إليه منها) (١٠) لِمَا رُوِيَ أنّ النبي -عليه السلام- كان يقبّل رأس فاطمة -رضي الله عنها- ويقول: «أَجِدُ مِنْهَا [رَائِحَةَ] (١١) الْجَنَّةِ» (١٢)، وكان إذا قَدِم مِن [سَفَره] (١٣) بدأ بها فعانقها وقبّل رأسها (١٤)، وقال -عليه السلام-: «مَنْ قَبَّلَ رِجْلَ أُمِّهِ فَكَأَنَّمَا قَبَّلَ عَتَبَةَ الْجَنَّةِ» (١٥).


(١) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٤٩١).
(٢) يُنْظَر: المرجع السابق.
(٣) في (ب): (والمحرمية).
(٤) في (ب): (المحرمية).
(٥) سورة الفرقان الآية (٥٤).
(٦) في (ب): (الحرمة).
(٧) سقطت من (ب).
(٨) في (ب): (كانت).
(٩) يُنظر: المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٥٠)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٨/ ٢٨)، العناية شرح الهداية (١٠/ ٣٤).
(١٠) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٤٩١).
(١١) في (ب): (ريح).
(١٢) أخرج أبو داود في سُنَنِه (٧/ ٥٠٥ - ٥٠٦) كتاب (الأدب) باب (القيام) برقم (٥٢١٧) بِسَنَدِه: عن أُمِّ المؤمنين عائشةَ، أنها قالت: «ما رأيتُ أحَداً كان اْشْبَهَ حديثاً وكلاماً برسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- مِن فاطمةَ، كانت إذا دَخَلَتْ عليه قام إليها، فأخذ بيدها، وقبَّلَهَا، وأجلسَها في مجلسه، وكان إذا دَخَلَ عليها قامَتْ إليه فاخذتْ بيدِه فقبَّلَتْه، وأجلسَتْه في مَجْلِسها».
- وأخرجه الترمذي (٥/ ٧٠٠) برقم (٣٨٧٢)، النسائي في الكُبرى (٨/ ٢٩١) برقم (٩١٩٣).
- وقال الحاكم في المستدرك: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخَرِّجاه، ثم قال الذهبي: بل صحيح. يُنْظَر: المستدرَك على الصحيحين للحاكم (٣/ ١٦٧) رقم (٤٧٣٢).
- وصحَّحَهُ الألباني. يُنْظَر: صحيح الأدب المفرد (ص ٣٥٥).
- أمَّا قولُهُ «أَجِدُ مِنْها رَائِحَةَ الْجَنَّةِ»؛ فلم أعثر على هذه الجُمْلَة.
(١٣) في (ب): (سفر).
(١٤) أورده ابن أبي الدنيا في كتاب "النَّفَقَة على العِيال" (١/ ٢٣٩) باب (حمْل الوِلْدان وشَمِّهِم وتقبيلِهِم) برقم (٢٢٤): حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ فَضْلِ بْنِ مُوسَى، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- «قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَقَبَّلَ رَأْسَ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا»، وهو حديثٌ مُرْسَل.
- وأورد أيضاً بعْدَه (١/ ٣٩٠) برقم (٢٢٥): حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَجَعَ مِنْ مَغَازِيهِ قَبَّلَ فَاطِمَةَ»، وهو أيضاً مُرْسل.
(١٥) لَم أجِدْهُ.