للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإنْ قُلْتَ: لما كان الرجل ينظر من ذوات محارمه إلى مواضع الزينة كلّها كان ينبغي أن ينظر إلى ظهرها أيضاً لأنّ ظهرها موضع القراميل (١)، كما في هذه المواضع التي هي مواضع الزّين.

قُلْتُ: ينظر إلى القراميل ولكن لا ينظر إلى ظهرها بدون حائل، بخلاف سائر مواضع الزَّيْن؛ [لأن أمر] (٢) القراميل على خلاف أمر سائر الحلي؛ لأنّ القراميل لا يقع إلا فوق اللباس؛ ويجوز النّظر إلى الثّوب الواقع/ على الظّهر والبطن للأجانب فضلاً عن هؤلاء، إلا إذا كان يصف لرقتة فحينئذ لا يحلّ النّظر إليه، فلا يحلّ النّظر إلى القراميل الواقعة عليه (٣).

ثم هذا الذي ذكره في حق المحارم مواقع الزينة الخفية، وكذلك مواقع الزينة الظّاهرة، الوجه موقع الكحل في عينيه، والخضاب بالوسمة (٤) في حاجبيه وشاربيه، والغمرة (٥) في خديه والكف والقدم، وقد ذكرناه، إلى هذا أشار في "الكشاف" (٦) (٧)؛ لوجود المعنيين وهما الضّرورة وقلّة الرغبة فيه؛ أي: في المحرم، وهذا إشارة إلى ما ذكره بقوله: (فلو حُرِّمَ النّظر إلى هذه المواضع أدّى إلى الحرج، وكذا الرغبة تَقِل للحرمة المؤبدة) (٨) (٩).


(١) القَرامِيْل: والقَرامِل: ما وَصَلَت وشّدَّت به المرأة شَعْرها مِن صُوْفٍ أَو إبريسم أو شَعْر، وقد رخَّص فيه الفقهاء إلا أن يكون من الشَّعْر. يُنْظَر: الفائق في اللغة للزمخشري (٢/ ١٨٦)، لسان العَرب (١١/ ٧٢٧).
(٢) في (أ): (لأمر).
(٣) يُنْظَر: الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٣٠)، البناية شرح الهداية (١٢/ ١٥٤).
(٤) الوسْمَة: والوَسِمَة: لُغَتان، نبتٌ يُخْتَضَبُ بِوَرَقِه، و قِيْلَ أنَّه يُسَمَّى: الْعِظْلِم. يُنْظَر: الصِّحاح للجوهري (٥/ ١٩٨٨)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (٢/ ٤١٧)، لسان العرب (١٢/ ٦٣٧).
(٥) الغَمْرَة: المراد بها هُنا: طِلاءٌ يُتَّخَذ مِن نَباتٍ أصفَر باليَمَن يُعْرفُ بالوَرْس، يُقَال: غَمَّرَت المرْأَة وجْهَها تَغْمِيرًا: أي طَلَتْ وجْهَها لِيَصْفُو لَوْنُها. يُنْظَر: مختار الصحاح (ص ٣٣٦).
(٦) الكشَّاف: هو "الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل فى وجوه التأويل"، للعلامة أبو القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشرى المُتَوَفَّى سنة ٥٣٨ هـ، مطبوع في أربعة مجلدات طَبَعته دار الْكِتَاب العربي بيروت عام ١٤٠٧ هـ.
(٧) يُنْظَر: الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٣٠ - ٢٣١).
(٨) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٤٩١).
(٩) يُنْظَر: الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٣١)، البناية شرح الهداية (١٢/ ١٥٥)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (٢/ ٥٣٩).